للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلط بين مذهب أبي تمام ومذهب المتنبي، وقد قيلت هذه القصيدة نفسها على نسق قصيدة المتنبي في ابن العميد:

بادٍ هواك صبرتَ أم لم تصبِرا ... وبكاك إن لم يجرِ دمعَك أو جرى

وكان مولعًا بتتبع المتنبي في شعره والإغارة على معانيه، ولاحظ ذلك صاحب الذخيرة في غير موضع من شعره كهذا البيت:

أواصل آناء الأصائل بالضحى ... وزادي من جهدي، وراحلتي رجلي

فقد أخذه من قول المتنبي:

لا ناقتي تقبل الرديف ولا ... بالسَّوطِ يوم الرِّهانِ أجهدُها

شراكُها كورُها، ومشفرُها ... زمامُها، والشُّسوعُ مقودها١

وكذلك قوله في وصف فرس:

وذو غُرَّةٍ معروفة السبق في المدى ... وقد قرح التحجيل من حلق الشُّكْل٢

فقد أخذه من قول المتنبي:

وإن تكن محكمات الشُّكْلِ تمنعني ... ظهورَ جريٍ فلي فيهن تَصْهالُ٣

ولم يكتف ابن دراج بتقليد المتنبي، إذا كان يشغف بتقليد غيره من المشارقة كالشريف الرضي٤ وأبي نواس وقد عارض قصيدته في مدح الخصيب:

أجارة بيتينا أبوك غيورُ ... وميسورُ ما يرجى لديك عسيرُ

بقصيدة في مدح المنصور بن أبي عامر مطلعها:


١ الذخيرة ١/ ٦١. الرديف: من يرتدف خلف الراكب. الرهان: السباق. الشراك: سير النعل، والشسع: ما يكون في الأصابع منه. وواضح أن المتنبي يريد بناقته نعله وقد جعل شراكها بمنزلة الكور والرحل للناقة. وجعل مشفرها وهو مقدم الشراك بمنزلة الزمام والشسوع بمنزلة المقود.
٢ التحجيل: بياض في قوائم الفرس. الشكل: جمع شكال وهو القيد الذي تشد به قوائم الفرس.
٣ الذخيرة ١/ ٦٣.
٤ الذخيرة: ١/ ٧٢.

<<  <   >  >>