للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حامل الهوى تعب ... يستخفه الطَّرَب

إن بكى يحقُّ له ... ليس ما به لَعِبُ

تضحكين لاهية ... والمحب ينتحب

كلما انقضى سبب ... منك جائني سبب

تعجبين من سقمي ... صحتي هي العجب

وأما المضارع فقد ذكر أبو العلاء أن منه عروض أبي العتاهية١:

أيا عُتْبَ ما يضرُّ ... كِ أَنْ تُطْلِقِي صِفادي

ومن أمثلته قول سعيد بن وهب٢:

لقد قلت حين قُرّ ... بت العيسُ يا نَوَارُ

قفوا فاربعوا قليلًا ... فلم يربعوا وساروا

وهناك وزن آخر استحدثه العباسيون وهو الخبب أو المتدارك، ومن أمثلته قول أبي العتاهية٣:

هَمُّ القاضي بيتٌ يُطْرِب ... قال القاضي لما طُولِب

ما في الدنيا إلا مذنب ... هذا عذر القاضي واقلب

ويظهر أن أبا العتاهية كان مشغوفًا بهذه الأوزان القصيرة؛ فقد عرف بأن له أشعارًا لا تدخل في العروض٤، ولكن الرواة فيما يظهر أهملوها٥. ويقول ابن قتيبة في ترجمته: "وكان لسرعته وسهولة الشعر عليه ربما قال شعرًا موزونًا يخرج به عن أعاريض الشعر وأوزان العرب، وقعد يومًا عند قَصَّار فسمع صوت مِدَقَّةٍ فحكى ذلك في ألفاظ شعره وهو عدة أبيات منها:


١ الفصول والغايات ص١٣٢. والصفاد: القيد.
٢ أغاني "ساسي" ٢١/ ٦٩. والعيس: الإبل. أربعوا: أقيموا.
٣ مروج الذهب ٧/ ٨٧.
٤ أغاني "دار الكتب" ٤/ ١٣.
٥ وممن اشتهر بصياغة الشعر على أوزان جديدة أيضًا رزين بن زندورد مولى طيفور بن منصور الحميري خال المهدي؛ فأكثر شعره كان يخرج به عن العروض، وكان ينحو في ذلك نحو عبد الله بن هارون بن السميدع البصري مؤدب آل سليمان. انظر معجم الأدباء ١١/ ١٣٨ وتاريخ بغداد ٨/ ٤٣٦ والأغاني "دار الكتب" ٦/ ١٦٠.

<<  <   >  >>