للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن قانونها لم يكتشف إلا مند بضع عشرات من السنين.. وقد أكدت المشاهدات والتجارب أن هناك قانونًا ضابطًا للأشياء السائلة يسمى "قانون المط السطحي" "Surface Tension" وهو يفصل بين السائلين، لأن تجاذب الجزئيات يختلف من سائل لآخر, ولذا يحتفظ كل سائل باستقلاله في مجاله. وقد استفاد العلم الحديث كثيرًا من هذا القانون.

ولعل قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ} ١, يشير إلى هذه السنة الثابتة.

قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ٢, إن الإنسان منذ القديم كان يرى عالمًا كبيرًا قائمًا بذاته في الفضاء مكونًا من الشمس والقمر والنجوم، ولم ير له أية ساريات. أو أعمدة. الإنسان في العصر الحديث يجد في هذه الآية العظيمة تفسيرًا لمشاهداته التي تثبت أن الأجرام السماوية قائمة دون أعمدة في الفضاء، وقد توصل إلى معرفة قانون "الجاذبية" فأدرك بواسطته عظمة تلك الآية القرآنية، وأدرك أيضًا أن الأجرام إنما تبقى في أماكنها المحددة بسر إلهي يتجلى في قانون الجاذبية.

وفي القرآن الكريم آيات أكثر من أن تحصى تحث على العلم وتشيد به، وتجعل معرفة السنن الكونية والقوانين الطبيعية أدلة شاهدة وثابتة على قدرة الله في الخلق وفي الإيجاد سبحانه وتعالى.

قال تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٣, فبمقدار تعمق الإنسان في الجانب العلمي في صدق وإخلاص تكون خشية الله تعالى، ذلك لأن المتعمق يرى من سنن الكون ومن الإتقان في الصنع، ومن الحكمة في التدبير ما يجعله ساجدًا لمبدعه وخالقه.. وإن الذين يتصلون بعلم التشريح مثلًا من قريب أو يتخصصون فيه يرون من الإحكام المحكم ومن الدقة الدقيقة في مختلف الأجهزة الجسمية وفي أعضاء هذه الأجهزة ما يضطرهم ويلزمهم إلزامًا


١ الرحمن: ٢٠-٢١.
٢ الرعد: ٢.
٣ فاطر: ٢٨.

<<  <   >  >>