للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى السجود لله الواحد الذي أبدع هذا التنسيق وأوجد هذا الترتيب.

وليس علم التشريح وحده هو الذي يبهر العالم المتبحر فيه، وإنما يبهر علم الفلك العالم الفلكي، ويبهر علم الأحياء عالم الأحياء.. وهكذا نجد انبهار النفس في كل ميدان من ميادين المعرفة الكونية في أرضها وفي سمائها وما بين السماء والأرض..

يقول سبحانه عن الليل والنهار: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} ١, فالآية الكريمة تشرح للإنسان سر مجيء الليل والنهار. وفيها إشارة رائعة إلى دوران الأرض محوريًّا، وهو الدوران الذي يعتبر سبب مجيء الليل والنهار طبقًا للمعلومات الحديثة.

وقد أدلى رجل الفضاء الروسي "جاجارين" بعد دورانه في الفضاء حول الأرض أنه شاهد تعاقبًا سريعًا للظلام والنور على سطح الأرض بسبب دورانها المحوري حول الشمس"٢.

وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ، وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} ٣، وإذ يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٤, وخشية الله في حقيقة الأمر ما هي إلا ثمرة للعلم وأساس من أهم أسس الإسلام.. ومن هنا نبعت ضرورة التعلم، فالتعلم واجب ديني يفرضه علينا الإسلام كما يفرض علينا التكاليف الشرعية من صلاة وصوم وزكاة وحج..

ولهذا كان من أبرز مقومات شخصية المسلم العلم، العلم بالكون والعلم بالإنسان والعلم بالنفس، وبكل ما تتسع له كلمة العلم من معنى.. يقول سبحانه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ٥, فالعلم طريق يتسع لجميع المؤمنين، وهو الطريق


١ الأعراف: ٥٤.
٢ الإسلام يتحدى: ص١٢٥ وما بعدها.
٣ الذاريات: ٢٠, ٢١.
٤ سورة فاطر: ٢٨.
٥ آل عمران: ١٨.

<<  <   >  >>