للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١.

والمقام الثاني: مقام الوحي إليه والتلقي من الله رب العالمين، وهذا من أوقع المقامات وأعزها إلى قلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأعظمها قدرا عند المؤمنين قال الله تعال: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى, مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} ٢.

والعبودية هي أرقى حالة يصل إليها الإنسان قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونَ} ٣, ولهذه الميزة ثمرة مهمة، ذلك لأن الإنسان الذي يحقق العبودية لله وحده يترفع ويتحصن من أن يخضع لعبد مثله أو لمخلوق له خاصية العبودية، ولهذا فإن المؤمن لا تنحني جبهته إلا لله رب العباد، كما لا يستعلي على غيره ولا يستكبر ولا يبغي الفساد في الأرض، وبهذا تتجلى المساواة في مقام العبودية بأعظم وأدق وأروع معنى، إذ الناس كلهم متساوون في هذه الخاصة، وهم كلهم إخوة على صعيد واحد أمام الخالق العظيم.. وهم جميعا يتلقون العقيدة من الله، ويتلقون منهج حياتهم فوق الأرض من الله سبحانه.. وليس لفرد أن يشرع أو أن يجعل نفسه مصدرا لسلطة تعلو هامات العباد.

قال الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ، لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ٤.

{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ


١ الإسراء: ١.
٢ النجم: ١٠، ١١.
٣ الذاريات: ٥٦.
٤ المائدة: ٧٣-٧٥.

<<  <   >  >>