للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ١.

وهنا تظهر عظمة الثقافة الإسلامية وسموها على غيرها من الثقافات، فقد كانت الأساطير اليونانية والعبرية تدمج في بعض الأحيان بين الحقيقة الإلهية وحقيقة العبودية، وقد دخل هذا التصور القبيح في أذهان الأوروبيين فظل يسيطر عليهم بعد أن دخلوا في الديانة المسيحية حتى إنهم حرفوا الديانة المسيحية على ضلالات الأساطير.

"فالأسطورة الإغريقية كانت تتصور كبير الآلهة "زيوس" غاضبا على الإله "برومثيوس" لأنه سرق سر النار المقدسة "سر المعرفة" وأعطاه للإنسان من وراء ظهر كبير الآلهة لئلا يرتفع مقامه فيهبط كبير الآله ويهبط معه مقام "الآلهة"! ومن ثم أسلمه إلى أفظع انتقام وحشي رهيب.

والأسطورة العبرانية التي تصور الإله خائفا من أن يأكل الإنسان من شجرة الحياة -بعد ما أكل من شجرة المعرفة- فيصبح كواحد من الآلهة! ومن ثم يطرد الإنسان من الجنة ويقيم دونه ودون شجر الحياة حراسا شدادا ولهيب سيف متقلب"٢.

{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} ٣.

إن "التوازن" ميزة تنفرد بها الثقافة الإسلامية بين سائر الثقافات الأخرى، وهي وحدها التي تضع الإنسان في المكان المناسب له، مكان فيه راحة نفسية واستقرار وجداني وسعادة قلبية وهو أصلح مكان لهذا المخلوق.

فإن الثقافة الإسلامية بهذه الخاصية تحصن المسلم من أن يتلقى من تعاليم


١ المائدة: ١١٦-١١٨.
٢ خصائص التصور الإسلامي للأستاذ سيد قطب ص١٥٧.
٣ الكهف: ٥.

<<  <   >  >>