إلا سبيل واحد هو حصر الموضوعات التي تناولها القرآن الكريم وجاء بالحلول الصحيحة لها هنا يتسع الباب ولا أظن أن في درة إنسان أو لجنة أو هيئة أن تحصر كل هذه الموضوعات والقضايا التي عالجها القرآن الكريم لأن من الآيات وهي محدودة معدودة ما يعالج قضايا وموضعات شتى فتبقى كالدواء الواحد الذي يعالج به ألف مرض ومرض أو تبقى كالميزان الذي يوزن به ألف موزون وموزون فهل يستطيع هؤلاء أن يحصروا تلك الموضوعات التي عالجتها تلك الآيات المحدودة وإذا ما تجاوزوا هل سيفعلون في آيات أخرى ثم أخرى ثم أخرى.
لست أقول هذا؛ تعجيزا ولا تثبيطا عن سلوك التفسير الموضوعي، لكني أردت أن أبين أن لا ننتظر تفسيرًا موضوعيًّا كاملا للقرآن الكريم؛ لأنه -في اعتقادي- ليس في قدرة أحد حصر كل الموضوعات التي عالجها القرآن في هذه الحياة.
وأردت أيضا أن أبين أن دعاة المنهج الأدبي في التفسير لم يرسموا خطوطا عريضة ولا دقيقة لحصر هذه الموضوعات ولو من ناحية أبوابها العامة الواسعة الشاملة وهذا ولا شك يعد قصورا في تأسيس المنهج أحببت الإشارة إليه؛ لتلافيه ما أمكن.
هذا من ناحية المنهجية في التفسير الموضوعي وموقف دعاة التفسير الأدبي منها وإذا ما نظرنا نظرة أخرى هي أعمق من الأولى، وتساءلنا عن الدافع لدعاة التفسير الأدبي إلى التزام التفسير الموضوعي وجدنا أنهم يفعلون ذلك لأمور عددت منها ثلاثة:
أولها: اعتقادهم أن طريقة السلف في تفسيره مرتبا لا تمكن من الفهم الدقيق والإدراك الصحيح لمعانيه وأغراضه. وسبق لي إيراد هذا الاعتقاد عندهم ورددت عليه هناك بإيجاز.
ثانيها: أن دعاة التفسير الأدبي أرادوا أن يتلافوا بالتفسير الموضوعي التلون المذهبي في التفسير أو الانجراف به من تفسير إلى مباحث في الفقه أو الإسرائيليات أو النحو أو العلوم التجريبية أو غير ذلك مما انتشر في التفاسير القديمة.