للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقياس إلى القرآن معناه الملفق أو المخترع أو القائم على مجرد الخيال١.

وأكد هذا المفهوم في تفسير في ظلال القرآن حين وصف الجمال الفني الصادق بأنه "الذي لا يعتمد على الخلق والتزويق ولكن يعتمد على إبداع العرض وقوة الحق وجمال الأداء"٢.

وكأني بسائل يقول في شبه اعتراض: أو ليس هذا الأساس هو الأساس الأول الذي تحدثت عنه في منهج سيد قطب رحمه الله تعالى؟ وأقول لهذا السائل: كَلَّا إجمالا أما إن شئت البيان فإن المراد بالجمال الفني هو تلك الصورة الرائعة التي ترسمها نصوص القرآن الكريم حتى لتحسب كل كلمة منه خطًّا من خطوط الصورة أو ذلك المعنى السامي الذي تسوقه تلك النصوص؛ أما الأساس الأول فهو حسن البيان والوصف لهذه الصورة القرآنية وحسن التعبير والبيان عن هذه المعاني السامية؛ أما أن بينهما تداخلا فنعم، وأما أنهم معنى واحد فلا.

وقد يكتشف مفسر الصورة الجمالية الفنية في القرآن الكريم ويبرز أطرافها ويوضح خطوطها ومعالمها وظلالها وإشراقها لكنه قد يسوق ذلك كله بأسلوب أدبي يزيد الصورة جمالا إلى جمالها وقد لا يستطيع فتبقى الصورة جميلة زاهية وحدها. وقد تميز تفسير سيد قطب رحمه الله تعالى بالجمع بين هذا وذاك.

وإذ وضح الأمر فإن منزلة الجمال في القرآن تالية لمنزلة الكمال "فالجمال في تصميم هذا الكون مقصود كالكمال. بل إنهما اعتباران لحقيقة واحدة.

فالكمال يبلغ درجة الجمال. ومن ثم يوجه القرآن النظر إلى جمال السماوات بعد أن وجه النظر إلى كمالها"٣ {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ


١ التصوير الفني في القرآن: سيد قطب، ص٢٠٤-٢٠٥.
٢ في ظلال القرآن: ج١ ص٥٥.
٣ في ظلال القرآن: ج٦ ص٣٦٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>