للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي أن نذكر أن ما يسمى "بالكتاب المقدس" سواء في ذلك العهد القديم المحتوي على كتب اليهود أو "العهد الجديد" المحتوي على أناجيل النصارى ليس هو الذي نزل من عند الله. فالتوراة التي أنزلها الله على موسى قد حرقت نسخها الأصلية على يد البابليين عند سبي اليهود. ولم تُعَدْ كتابتها إلا بعد قرون عديدية قبيل ميلاد المسيح بنحو خمسة قرون وقد كتبها عزرا -وقد يكن هو عزير- وجمع فيها بقايا من التوراة؛ أما سائرها فهو مجرد تأليف، وكذلك الأناجيل؛ فهي جميعا لا تحوي إلا ما حظفته ذاكرة تلامذة المسيح وتلامذتهم بعد نحو قرن من وفاة المسيح١ عليه السلام، ثم خلطت به حكايات كثيرة وأساطير! ومن ثم لا يجوز أن يطلب عند تلك الكتب جميعها يقين في أمر من الأمور! "٢.

وقال في موضع آخر: "ولو قد سلمت التوراة من التحريف والزيادات لكانت مرجعا يعتمد عليه في شيء من تلك الأحداث ولكن التوارة أحيطت بالأساطير التي لا شك في كونها أساطير. وشحنت كذلك بالروايات التي لا شك في أنها مزيدة على الأصل الموحى به من الله، فلم تعد التوراة مصدرا مستيقنا لما ورد فيها من القصص التاريخي، وإذن فلم يبق إلا القرآن الذي حفظ من التحريف والتبديل هو المصدر الوحيد لما ورد فيه من القصص التاريخي"٣.

ولهذا فإنك لا تكاد تجد في تفسيره رحمه الله تعالى رواية إسرائيلية يوليها اهتمامه أو يتلقاها بالقبول؛ بل كان يعيب على كثير من المفسرين السابقين عنايتهم بها.


١ لا يقصد سيد رحمه الله تعالى بوفاة المسيح عليه السلام موته فقد توقف عن بيان كيفية وفاته وكيفية رفعه؛ لأنه من علم الغيب كما يقول، انظر ما قاله عن ذلك ج١ ص٤٠٣، وج٢ ص٨٠١-٨٠٣.
٢ في ظلال القرآن: ج٤ ص١٨٨١.
٣ في ظلال القرآن: ج٤ ص٢٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>