للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يشعرون، وقد جعلوا الاصطلاحات والمذاهب الفقهية والكلامية أصولا حكموها في القرآن وأنزلوه عليها حتى صار ميدانا للجدل وأصبح غير صالح للحياة بما حملوه من الأثقال وبما وضعوا فيه من الجهود والعراقيل ووسائل التفريق والشقاق، فهدايته فقدت بالمجادلات في الألفاظ والمذاهب، ومعانيه ومقاصده ضاعت بالروايات الناسخة والتفسيرات المتحجرة العقيمة ولم يخلُ تفسير من هذا؛ لأن المفسرين يقلد بعضهم بعضا"١.

ثم وضح طريقته في التفسير فقال: "فهذا كله دعاني إلى تفسيري وأن تكون طريقتي فيه كشف معنى الآية وألفاظها بما ورد في موضوعاتها من الآيات والسور، فيكون من ذلك العلم بكل مواضيع القرآن، ويكون القرآن هو الذي يفسر نفسه كما أخبر الله، ولا يحتاج إلى شيء من الخارج غير الواقع الذي ينطبق عليه ويؤيده من سنن الله في الكون ونظامه في الاجتماع.

وقد اخترت أن يكون على عدد الآيات في المصحف لتبقى الهداية بالترتيب الذي اختاره الله، وليمكن للباحث عن معنى الآية أن يلاحظ سياقها، فيقرأ ما سبقها وما لحقها من الآيات؛ ليكون على علم تام وهداية واعظة"٢.

ثم زعم أن هذه الطريقة في التفسير هي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته، فقال: "فهذه كانت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي طريقته في القرآن وهي الحكمة المذكورة في قول الله: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة} ، راجع [البقرة: ١٥١] .

فالكتاب هو القانون الجامع لمواد الأحكام وإن شئت فقل إن الكتاب دستور فيه كل شيء من أصول القوانين وهو المرجع لأهل التشريع في كل عصر فيما يتجدد من الحوادث"٣.


١ الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن: محمد أبو زيد ص "ب-ج".
٢ الهداية والعرفانك محمد أبو زيد ص "ج-د".
٣ المرجع السابق: ص "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>