للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضا: "إن كل الرسل رميت آياتهم بأنها سحر وقد كانت كل آياتهم حججا وبراهين من سيرتهم ورسالتهم فلا يمكن أن يأتوا بدليل على صدقهم من غير الدعوة نفسها"١.

وقال أيضا: "وإن آيتهم على صدق دعوتهم لا تخرج عن حسن سيرتهم وصلاح رسالتهم وإنهم لا يأتون بغير المعقول ولا بما يبدل سنة الله ونظامه في الكون"٢.

هذه بعض أقواله في إنكار معجزات الأنبياء إجمالا، ثم أنكرها بعد ذلك آحادا وأولها تأويلا لا يقوم على دليل، من الكتاب أو من السنة أو من اللغة.

معجزات إبراهيم عليه السلام:

فمن ذلك مثلا أن قوم إبراهيم عليه السلام أوقدوا له نارا وألقوه فيها {وَقَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ} فجاءت المعجزة الإلهية: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} ٣، ومعنى الآية ظاهر واضح لكن محمد أبو زيد هذا ألحد في تفسير الآية وباقي القصة أن الله نجاه بالهجرة وخيب تدبيرهم"٤.

وعلى هذا فعنده أن ابراهيم عليه السلام لم يلق في النار ولم تكن بردا وسلاما على إبراهيم، ولا أظنه يجهل أن من أنواع الإيجاز إيجاز الحذف وهو حذف ما يستغنى عنه بذكر ما يستلزمه ولا يستقر معناه في ذهن السامع إلا بتقديره، والبلاغيون يضربون لذلك مثلا بقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَة} ٥، أي واسأل أهل القرية، المحذوف في الآية موضع البحث هنا هي كلمة "فَأَلْقَوْهُ" لأن السياق يستلزمها. قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ


١ المرجع السابق: ص٢٩٧.
٢ المرجع السابق: ص٣٠٦.
٣ سورة الأنبياء: من الآية ٦٩.
٤ الهداية والعرفان: ص٢٥٦.
٥ سورة يوسف: من الآية ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>