للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو قرب حدقة عينه حتى تكون داخل اللوحة أو قريبة منها؛ فإنه لن يرى إلا نتوءات وحفرا، بل ويرى الألوان مشوهة فهل له وهو في هذه الحالة أن يصف هذه اللوحة بما هي منه بريئة وليجرب هذا الرجل وأمثاله أن يقرب عينه من أرض حديقة جميلة أو يضع حدقة عينه في قلب وردة زاهية الألوان، وليصف ما يرى وليسمع رأي الناس في وصفه إنهم لن يصفوه بأكثر من أحد وصفين إما الجنون أوالمكابرة وحسبك بهما وصفا لما زعمه في الآية.

وإلحاد آخر في قوله تعالى: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} ١، قال فيه: "وقد أثبت العلم أن السماء لا أبواب لها، وأن الماء إنما يتساقط على الأرض بعد أن يتكاثف سحابا وبعد أن يعلو متبخرا من مياه الأرض فهل هذا الاعتقاد تجديف؟ وهل يجب أن نعتقد أن للسماء أبوابا من فوقها بحار، إذا فتحت انهمر المطر، وإذا أقلت أمسك عن الانهمار؟ "٢.

والرجل في إلحاده هذا يجهل اللغة والبلاغة. أما اللغة فاعتقاده أن المراد بالسماء السماء حقيقة؛ وإنما المراد بها العلو والارتفاع وهو الجو هنا وهو مقر السحاب. أما جهله البلاغة فإن في الآية استعارة تمثيلية بتشبيه تدفق المطر من السحاب بانصباب أنهار انفتحت لها أبواب السماء وشق لها أديم الخضراء٣ ولو علم اللغة والبلاغة لما قال ما قال.

بقي أن أقول هنا أن إسماعيل مظهر هذا قد رجع إلى حظيرة الإسلام مرة أخرى والحمد لله٤، إذا هو قد خرج عنه في أمور كثيرة منها ما هو صريح لا يشك في أمره فيها. والحمد لله أولا وآخرا.

ولعلي أكتفي بهذا في سياق الأمثلة على التفاسير المنحرفة في منهج القاصرين في تفسير القرآن الكريم واذكر بعد هذا مثالا للؤلفات في هذا المنهج.


١ سورة القمر: من الآية١١.
٢ ذيل الملل والنحل: محمد سيد الكيلاني ص١٠١.
٣ انظر تفسير القاسمي: ج١٥ ص٥٥٩٨.
٤ ذيل الملل والنحل: محمد سيد كيلاني ص١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>