ومضى حين من الدهر نشأت فيه مذاهب وفرق أخرى هيأ الله -سبحانه وتعالى- لهم من يرد عليهم في مؤلفات مستقلة أو عند تفسير القرآن الكريم.
ونظرة سريعة إلى التفاسير في تلك الفترة يظهر فيها حجم المعركة.
فرق تؤلف تفاسيرها على قواعد أصولها التي أنشأتها من قبل، وتبث شكوكها وشبهها.
وفرقة أخرى تكابد بين أمرين أمر تقرير عقيدتها واستخراجها من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وأمر الرد على شبهات الخصوم وأوهامهم.
قامت فرق المعتزلة والشيعة الإثني عشرية والباطنية والزيدية والخوارج والأباضية والصوفية والفلاسفة وأمثالهم يفسرون القرآن الكريم وفق أصولهم.
وقام أهل السنة والجماعة يقررون عقائدهم ويردون على خصومهم؛ فلم يهملوا آية فيها تقرير لعقيدتهم إلا وبينوه ولا آية فيها رد على خصومهم إلا وأظهروه.
فعلوا ذلك إظهارا للحق، وتبرئة لذممهم، وذودًا عن عقيدتهم، وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر؛ فما زالوا ظاهرين.
وقد كان الاتجاه العقائدي في التفسير في القرن الرابع عشر أول أبحاث هذه الدراسة -وإن أنس لا أنس- صدمة تلقيتها وأنا أكتب عن تفاسير أهل السنة والجماعة.
فقد عانيت كثيرا في الحصول على نصوص تقرر عقيدة أهل السنة والجماعة بكل تصريح وضوح بل تسوقها بإشارة عاجلة؛ وكأنها مقررة عند قارئ التفسير ومعلومة.
وليتهم حين يفعلون هذا يتجاوزونه إلى الرد على شبهات الأعداء وكيدا لخصومهم والتأويلات الباطلة، ليتهم يبرزون الرد على الشيوعية والرأسمالية والاشتراكية أو القومية الترابية أو اللسانية ليتهم يردون على البابية أو البهائية.