للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعرف أن هناك من سيرفض قولي وأعرف أن هناك من سيعد له ويقوِّم ما يراه معوجا، ولعل فيهم من يقبله ويراه حقا وهذا رأيي والله أعلم.

خامسا: أنزل الله سبحانه وتعالى هذا القرآن الكريم لحكم عظيمة غايتها تصحيح العقائد وتقويم السلوك.

وعلى المفسر أن يجعل هذا الأمر في ذهنه عند تفسيره ثم عليه وهو طبيب عقول أن يكون كطبيب الأجساد

ينظر في مريضه ويشخص داءه ثم يصف له الدواء، وعلى المفسر أن ينظر إلى مجتمعه فيحدد أمراضه ويظهر مواطن ضعفه وتفككه وانحلاله ثم يصف له الدواء القرآني سواء كانت علله في العقيدة أو في السلوك.

كم يسرني ذلكم المفسر الذي أراه يفسر الآية القرآنية ثم أراه يضرب الأمثلة من مجتمعه -في غير تشهير- ويلتمس لها العلاج القرآني وكم يسرني ذلكم المفسر الذي يرى عادة ذميمة في مجتمعه أو تحللا أو إهمالا لواجب أو انتشارا لبدعة فلا يمر بآية هي علاج لهذا أو ذاك إلا ويربط بينهما ويشير إلا علاجها ويأمر به.

يهمل كثير من العلماء مسألة الربط أو التشخيص الدقيق وهم يحسبون أن لدى مستمعيهم -كلهم- القدرة على الاستنتاج والتطبيق.

تجد المفسر مثلا يتحدث عن الربا وتحريمه ويشرح آياته مفردة مفردة ومواطن البلاغة ومحاسن التعبير ويبيلغ في ذلك شأوا، ثم ينتقل إلى آية أخرى بعدها وهو يحسب أنه قد أشبع الموضوع حقه، وما درى ذلك الرجل أنه أخذ جانبا وترك الآخر كان عليه -مثلا- أن يضرب أمثلة للربا من مجتمعه فيشير نصا إلى البنوك الربوية ومعاملاتها ومواطن الخطأ فيها ومواضع الربا وآثار ذلك في الاقتصاد.. كان عليه أن يعطي المثال المستقيم فيذكر البنوك الإسلامية وما يجب أن تتعامل به ولا ضير أن يذكر أسماءها وأنواع معاملاتها.

ستقولون -أيها الصحاب- أنه خرج عن التفسير، فأقول على فرض أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>