للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتمدح جل وعلا في سبع آيات من كتابه باستوائه على عرشه ولم يذكر صفة الاستواء إلا مقرونة بغيرها من صفات الكمال والجلال القاضية بعظمته وجلاله -جل وعلا- وأنه الرب وحده المستحق لأن يعبد وحده ... ثم ذكر -رحمه الله تعالى- الآيات السبع عن الاستواء في الأعراف وفي سورة يونس وفي سورة الرعد وفي سورة طه وفي سورة الفرقان وفي سورة السجدة وفي سورة الحديد، ثم قال: وقال جل وعلا في وصف الحادث بالاستواء على بعض المخلوقات: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} ١، {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} ٢ الآية، {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} ٣ الآية, ونحو ذلك من الآيات, وقد علمت مما تقدم أنه لا إشكال في ذلك وأن للخالق جل وعلا استواء لائقا بكماله وجلاله, وللمخلوق أيضا استواء مناسبا لحاله، وبين استواء الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق, على نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ٤ كما تقدم إيضاحه٥.

يد الله تعالى:

قال رحمه الله تعالى: كل لفظ دل على صفة الخالق ظاهره المتبادر منه أن يكون لائقا بالخالق منزها عن مشابهة صفات الخلق، وكذلك اللفظ الدال على صفة المخلوق لا يعقل أن تدخل فيه صفة الخالق، فالظاهر المتبادر من لفظ اليد بالنسبة للمخلوق هو كونها جارحة وهي عظم ولحم ودم، وهذا هو الذي يتبادر إلى الذهن في نحو قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ٦، والظاهر المتبادر من اليد بالنسبة للخالق في نحو قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ


١ سورة الزخرف: من الآية ١٣.
٢ سورة المؤمنون: من الآية ٢٨.
٣ سورة هود: من الآية ٤٤.
٤ سورة الشورى: من الآية ١١.
٥ أضواء البيان: محمد الأمين الشنقيطي ج٢ ص٢٨٢-٢٨٥ بتلخيص.
٦ سورة المائدة: من الآية ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>