للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعين، وأنه عند ذلك الوقت ينسخ ذلك الحكم ويبدله بالحكم الجديد الذي فيه المصلحة, فإذا جاء ذلك الوقت المعين أنجز جل وعلا ما كان في علمه السابق من نسخ ذلك الحكم الذي زالت مصلحته بذلك الحكم الجديد الذي فيه المصلحة كما أن حدوث المرض بعد الصحة وعكسه، وحدوث الغنى بعد الفقر وعكسه، ونحو ذلك لا يلزم فيه البداء؛ لأن الله عالم بأن حكمته الإلهية تقتضي ذلك التغيير في وقته المعين له, على وفق ما سبق في العلم الأزلي كما هو واضح.

وقد أشار جل وعلا إلى علمه بزوال المصلحة من المنسوخ وتمحضها في الناسخ بقوله هنا: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّل} , وقوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ١، وقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} ٢، فقوله: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} بعد قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} ، يدل على أنه أعلم بما ينزل، فهو عالم بمصلحة الإنسان ومصلحة تبديل الجديد من الأول المنسي٣.

الشفاعة:

في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} ٤. قال رحمه الله تعالى: "ظاهر هذه الآية عدم قبول الشفاعة مطلقا يوم القيامة, ولكنه بين في مواضع أخر أن الشفاعة المنفية هي الشفاعة للكفار والشفاعة لغيرهم بدون إذن رب السموات والأرض، أما الشفاعة للمؤمنين بإذنه فهي ثابتة بالكتاب، والسنة، والإجماع فنص على عدم الشفاعة للكفار بقوله: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ٥، وقد قال: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} ٦ ... " إلى أن قال: "هذا


١ سورة البقرة: الآية ١٠٦.
٢ سورة الأعلى: الآية ٦ و٧.
٣ أضواء البيان: محمد الأمين الشنقيطي ج٣ ص٣٢٨.
٤ سورة البقرة: الآية ٤٨.
٥ سورة الأنبياء: من الآية ٢٨.
٦ سورة الزمر: من الآية ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>