للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعدائه وقت نزوله من أعظم ما يعين على معرفته وفهم المراد منه, خصوصا إذا انضم إلى ذلك معرفة علوم العربية على اختلاف أنواعها.

فمن وفق لذلك لم يبق عليه إلا الإقبال على تدبره وتفهمه وكثرة التفكر في ألفاظه ومعانيه ولوازمها وما تتضمنه وما تدل عليه منطوقا ومفهوما، فإذا بذل وسعه في ذلك فالرب أكرم من عبده، فلا بد أن يفتح عليه من علومه أمورا لا تدخل تحت كسبه.

ولما منَّ البارئ عليَّ وعلى إخواني بالاشتغال بكتابه العزيز بحسب الحال اللائقة بنا، أحببت أن أرسم من تفسير كتاب الله ما تيسر، وما منَّ به الله علينا ليكون تذكرة للمحصلين وآلة للمستبصرين، ومعونة للسالكين، ولأقيده خوف الضياع، ولمن يكن قصدي في ذلك إلا أن يكون المعنى هو المقصود، ولم أشتغل في حل الألفاظ والعقود، للمعنى الذي ذكرت, ولأن المفسرين قد كفوا من بعدهم, فجزاهم الله عن المسلمين خيرا"١.

قلت: وجزاه الله أيضا خيرا, ومع التزامه بما قال من الاكتفاء بأقوال المفسرين السابقين عن الإطناب في حل ألفاظ القرآن الكريم وتفسيره, فإن تفسيره يقع في سبعة مجلدات وذلك بسبب طريقة أحسبها خاصة به نبه بنفسه عليها في مقدمته فقال: اعلم أن طريقتي في هذا التفسير أني أذكر عند كل آية ما يحضرني من معانيها، ولا أكتفي بذكر ما تعلق بالمواضع السابقة عن ذكر ما تعلق بالمواضع اللاحقة؛ لأن الله وصف هذا الكتاب أنه "مثاني" تثنى فيه الأخبار والقصص والأحكام وجميع المواضيع النافعة لحكم عظيمة، وأمر بتدبره جميعه لما في ذلك من زيادة العلوم والمعارف وصلاح الظاهر والباطن وإصلاح الأمور كلها٢.

وقد التزم -رحمه الله تعالى- بما رسم لنفسه من منهج, فجاء تفسيره وسطا بين طويل التفاسير ومختصره.


١ تيسير الكريم الرحمن: عبد الرحمن بن ناصر السعدي ج١ ص١٢-١٤.
٢ المرجع السابق ج١ ص٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>