للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاءت الثنائية بزعم أن للقرآن الكريم معنيين: معنى ظاهرا ومعنى باطنا.

وجاءت الثنائية في مفهوم الصلاة, فالصلاة بالمعنى القريب هي الصلاة الشرعية ذات الحركات المعروفة١, وهي للذي يمر بمرحلة الإيمان الذي هو مرتبة الأمة الأولى, فالصلاة الشرعية في حقه فرض له أوقات يؤدى فيها، وحين يرتفع السالك إلى مرتبة الأصالة ويخاطب بالاستقلال عن التقليد ويتهيأ ليأخذ صلاته الفردية من ربه بلا واسطة تأسيا بالمعصوم ... فهو حينئذ لا تسقط عنه الصلاة وإنما يسقط عنه التقليد ويرفع من بينه وبين ربه بفضل الله، ثم بفضل كمال التبليغ المحمدي الحجاب الأعظم ... الحجاب النبوي٢.

ولتوضيح هذه العبارات أقول: إن عقيدته تقوم على أن أمة المؤمنين هم أمة التقليد, فهم يتلقون الأوامر الإلهية بواسطة النبي. أما أمة المسلمين فهم كالأنبياء يتلقون من الله مباشرة فهم أمة التلقي, فإذا انتقل الإنسان من التقليد وسقط عنه ما سماه "الحجاب الأعظم" حجاب النبوة, أصبح يتلقى الأوامر من ربه مباشرة وأصبح في حدود الشريعة الفردية وخرج من الشريعة الجماعية: "وتكون شريعته الفردية من الله بلا واسطة, فتكون له شهادته وتكون له صلاته وصيامه وزكاته وحجه, ويكون في كل أولئك أصيلا"٣، وله بعد ذلك أن لا يفعل شيئا من هذه العبادات؛ لأنه بزعمهم يتلقى الأوامر من الله مباشرة, ومن الذي يستطيع أن يحتج عليه بتشريعات أمة التقليد؟! ولهذا عرف عن محمود طه هذا أنه لا يصلي, وليس هذا بمستغرب منه.

وجاءت الثنائية بمفهوم العقل, فالعقل عنده عقلان: العقل الواعي والعقل الباطن٤، والعلم عنده علمان: علم الظاهر وهو علم آيات الآفاق وعلم يقين وهو علم آيات النفوس وهو لابد آتٍ, ولكن الوقت بطبيعة الحال طرف فيه


١ المرجع السابق: ص٧٤.
٢ المرجع السابق: ص٨٤ و٨٥.
٣ المرجع السابق: ص٧٨.
٤ رسالة الصلاة: محمود محمد طه ص٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>