للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان صاحب الرسالة القشيرية ينتقد كل هذه الآراء, فإنه إذًا لا يرى الاشتقاق ويقول: هذه التسمية غلبت على هذه الطائفة فيقال: رجل صوفي وللجماعة: صوفية ومن يتوصل إلى ذلك يقال له: متصوف وللجماعة: المتصوفة.

وليس يشهد للاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق, وإلا ظهر فيه أنه كاللقب١.

وحقيقة, إنني لا أرى من ثمرة لإعمال الذهن وتضييع الوقت في الربط بين الاسم والمسمى فليس من المحتم دائما -كما يقول عبد الحليم- أن يكون المعنى الأصلي للاسم هو المراد مما وضع الاسم له؛ إذ المعنى الأصلي قد يتطور ويتغير ويختلف وقد يقصد عكسه ... حقيقة, إن الباحثين كثيرا ما يجدون صلة وثيقة بين المعنى الأصلي للاسم وما وضع الاسم له أو بين الاسم والمسمى, ولكن ذلك ليس مطردا٢.

ومما يزيد الانفصام بين الاسم والمسمى خاصة في عصرنا هذا, ما اعترف به عبد الحليم هذا حيث قال: "على أني أرى -كما يرى كثير غيري وكما يثبت التاريخ- أن هذه الكلمة "تصوف" لم توضع في الأصل للتصوف بمعناه العادي الذي نفهمه الآن، وإنما وضعت في المبدأ لتدل على نمط من العزوف عن الدنيا، إنها كانت علامة الزاهدين والمتنسكين فسمي بها هؤلاء الذين انصرفوا عن الدنيا٣.


١ قضية التصوف: عبد الحليم محمود ص٣٠ و٣١.
٢ المرجع السابق ص٣٤.
٣ المرجع السابق ص٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>