للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاشم وبني المطلب من قرابته صلى الله عليه وسلم، واليتامى والمساكن وابن السبيل من سائر أمته عليه الصلاة والسلام.

رابعًا: إِرْث الأنبياء عليهم السلام

والأنبياء لا يورثون؛ وإنما قال بأنهم يورثون بعض الرافضة، ومما استدلوا به -كما سيأتي بسط وجهه- قوله تعالى عن زكريا عليه السلام: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} ١، زاعمين أن الإرث هنا إرث مالي، وقد بيَّن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي الموروث هنا بقوله رحمه الله تعالى:

"معنى قوله: {خِفْتُ الْمَوَالِيَ} أي: خفت أقاربي وبني عمي وعصبتي أن يضيعوا الدِّين بعدي، ولا يقوموا لله بدينه حق القيام؛ فارزقني ولدًا يقوم بعدي بالدين حق القيام، وبهذا التفسير تعلم أن معنى قوله: {يَرِثُنِي} أنه إِرْثُ عِلْم ونبوة ودعوة إلى الله والقيام بدينه، لا إرث مال. ويدل لذلك أمران:

"أحدهما": قوله: {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} ومعلوم أن آل يعقوب انقرضوا من زمان؛ فلا يورث عنهم إلا العلم والنبوة والدِّين.

"والأمر الثاني": ما جاء من الأدلة على أن الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- لا يورث عنهم المال؛ وإنما يورث عنهم العلم والدين؛ فمن ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا نورَّث، ما تركنا صدقة" ٢. ومن ذلك أيضًا ما رواه الشيخان أيضًا عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال لعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعيد وعلي والعباس رضي الله عنهم: أُنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم


١ سورة مريم: الآيتين ٥، ٦.
٢ البخاري: باب فرض الخمس، ج٤ ص٤٢، ومسلم: كتاب الجهاد، ج٣ ص١٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>