للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابيات المحربات وسائر المشركات على التحريم، ولو اقترنت الآيتان لقلت: إن ذلك تخصيص للعموم، كما اشتهر في المذهب وعند الشافعية من أن ذلك من تخصيص العام، ومن جواز تأخير دليل الخصوص في العموم، ولو كانت مقارنة بين العام والخاص، ولك أن تقول: لا نسخ ولا تخصيص؛ بل المشركات في الآية غير الكتابيات؛ لأنه كثر في القرآن مقابلة المشركات بالكتابيات؛ كقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} ١، ولو كان أهل الكتاب أيضًا مشركين؛ لقوله سبحانه: {عَمَّا يُشْرِكُون} ٢، وأجاز بعض قومنا نكاح الحربيات الكتابيات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب وليس بشيء، ونص ابن عباس على المنع وهو الصحيح"٣.

وقد أكد هذا المنع في تفسيره لآية المائدة فقال: "ولا تحل الحربية ولو حرة عندنا، وهو قول ابن عباس؛ لبعد شأنها، ولأن التزوج بر، وقد قال الله جل وعلا: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّه} ٤ ... إلخ، وقال الله عز وجل: {لا تَجِدُ قَوْمًا} ٥ ... إلخ، وقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} ٦، وكيف يكون الود والرحمة للكافرة؟! ويستثنى من ذلك الحب الممنوع مقدار مخصوص للكتابية التي ليست محاربة، فيجوز في حقها لها على متزوجها، وذهب البعض إلى أن هذه الآيات تفيد الكراهة فقط، وعن الشافعي كراهة تزوج الحرة الكتابية المحاربة، وأباحها الشافعية"٧.


١ سورة البينة: من الآية الأولى.
٢ سورة التوبة: من الآية ٣١.
٣ تيسير التفسير: محمد بن يوسف إطفيش ج١ ص٣٣٥.
٤ سورة الممتحنة: من الآية ٩.
٥ سورة المجادلة: من الآية ٢٢.
٦ سورة الروم: من الآية ٢١.
٧ تيسير التفسير: محمد يوسف إطفيش ج٢ ص٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>