وتجدها أيضًا تصف صاحب التفسير العلمي بأنه "يجتهد في استخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفية"، والذي أعتقده أن التفسير العلمي بمعناه المعروف لا يشمل إيراد الآراء الفلسفية، كما لا يعم مختلف العلوم؛ بل في أنواع معينة منها كالطب والرياضيات والفلك وعلم الحيوان والنبات والكيمياء وعلم طبقات الأرض، ونحو ذلك من العلوم التجريبية، فلا يشمل مختلف العلوم على إطلاقها.
ولذا فإني أعتقد قصور هذا التعريف، وقد انتقد هذا التعريف أيضًا الشيخ عبد الله الأهدل في رسالته "التفسير العلمي للقرآن الكريم"، فقال عن تعريف الخولي والذهبي:"فقولهما: يحكم الاصطلاحات العلمية في عبارة القرآن غير دقيق؛ لأنه ما كل تفسير علمي، كذلك وتعبيرهما هذا "يحكم" يُوحي بأن الآية المراد تفسيرها لها معنى آخر، غير المعنى العلمي الذي يراد منها أن تدل عليه، وهذا وإن صدق على بعض التفسير المتمحل والشطحات العلمية، فإنه لا ينطبق على البعض الآخر". ثم قال:"وربما كان التعريف الصحيح للتفسير العلمي أن يقال: "هو تفسير الآيات الكونية الواردة في القرآن على ضوء معطيات العلم الحديث، بغض النظر عن صوابه وخطئه"؛ ليشمل التفسير الصحيح والتفسير الخاطئ"١.
والذي يظهر لي -والله أعلم- أن التعريف الأقرب إلى أن يكون جامعًا مانعًا أن يقال:"المراد بالتفسير العلمي هو اجتهاد المفسر في كشف الصلة بين آيات القرآن الكريم الكونية ومكتشفات العلم التجريبي، على وجه يظهر به إعجاز للقرآن، يدل على مصدره، وصلاحيته لكل زمان ومكان".
ولا شك أن وصفه بـ"اجتهاد المفسر" يدخل فيه التفسير العلمي المقبول والمرفوض؛ لأن المجتهد قد يخطئ وقد يصيب، وقولنا:"الربط" ليشمل ما هو تفسير وما هو من قبيله؛ كالاستئناس بالآية في قضية من قضاياه ونحو ذلك، وقولنا: "العلم
١ التفسير العلمي للقرآن الكريم: بحث ماجستير أعدَّه الشيخ عبد الله بن عبد الله الأهدل "نسخة مسحوبة على الاستنسل ص١٥".