للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جذاب، يشوقنا إلى التأمل فيها والتعمق في أسرارها، وهنا١ يذكر لنا ما خبأه في السماوات والأرض لنشتاق إليه، وننبعث في البحث عنه، واستجلاء حقائقه ومنافعه، بدافع غريزة حب الاستطلاع، ومعرفة المجهول، وبمثل هذا انبعث أسلافنا في خدمة العلم، واستثمار ما في الكون إلى أقصى ما استطاعوا، ومهدوا بذلك السبيل لمن جاء بعدهم، ولن نعز عزهم إلا إذا فهمنا الدين فَهْمهم وخدمنا العلم خدمتهم"٢.

وقال في موضع آخر: "لنقف خاشعين متذكرين أمام معجزة القرآن العلمية؛ ذلك الكتاب الذي جعله الله حجة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وبرهانًا لدينه على البشر مهما ترقوا في العلم وتقدموا في العرفان ... "٣.

رأي محمد أحمد الغمراوي:

أما الأستاذ الغمراوي فهو يرى أن الإعجاز العلمي هو الذي لا يتوقف تقديره والتسليم به على معرفة لغة لا تتيسر معرفتها لكل أحد، ويرى أيضًا أن الناحية العلمية هذه تشمل كل النواحي ما عدا الناحية البلاغية، فتشمل الناحية النفسية والتشريعية والتاريخية والكونية.

ثم قال: "هذه النواحي هي التي ينبغي أن يشمر المسلمون للكشف عنها وإظهارها للناس في هذا العصر الحديث، ولن يستطيعوا ذلك على وجهه حتى يطلبوا العلوم كلها؛ ليستعينوا بكل علم على تفهم ما اتصل به من آيات القرآن، ويستعينوا بها جميعًا على استظهارأسرار آيات القرآن التي اتصلت بالعلوم جميعًا، ولا غرابة في أن يتصل القرآن بالعلوم جميعًا؛ فما العلوم إلا نتاج تطلب الإنسانية أسرار الفطرة، والقرآن ما هو إلا كتاب الله فاطر الفطرة، فلا غرو أن يتطابق القرآن والفطرة، وتتجاوب كلماتها وكلماته، وإن كانت كلماتها


١ ورد هذا النص في تفسيره لقوله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل: ٢٥] .
٢ تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير: عبد الحميد بن باديس ص٤٦٠.
٣ المرجع السابق ص٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>