للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن نستبعد هذه المبالغات عن البحث نرى أن من مقتضيات الإيمان -التي لا غنى عنها- أن نضاهي الحقائق الفورية التي نجدها في القرآن مع نتائج العلماء المنهجية البطيئة"١.

رأي حسن البنا:

قسَّم -رحمه الله تعالى- المقررات العلمية إلى قسمين: قسم تظاهرت عليه الأدلة وتوافرت الحجج؛ حتى كاد يلحق بالبدهيات، وقسم لا زال في طور البحث العلمي، وكل الذي بين يدي العلماء الكونيين منه فروض تؤيدها بعض القرائن التي لم ترقَ إلى مرتبة الأدلة القاطعة أو الحجج المقنعة، فما كان من القسم الأول فلا شك أن ما أشار إليه القرآن الكريم منه يوافق كل الموافقة ويطابق كل المطابقة ما عرفه العلماء الكونيون؛ حتى إنه من الحق أن يقال: إن ذلك من إعجاز هذا الكتاب الذي جاء به أمي لم يتعلم في مدرسة، ولم يلتحق بجامعة من الجامعات، ومن أمثلة ذلك إشاراته إلى أطوار الجنين، وتلقيح الرياح، وتَكَوُّن السحاب وصلته بالرياح ... إلخ.

وما كان من القسم الثاني فمن التجني وظلم الحقيقة أن يوازن بينه وبين ما جاء في القرآن الكريم، فلننتظر حتى يطمئن العلم الكوني إلى ما بين يديه٢.

وبعد:

هذه إشارات لآراء بعض مؤيدي التفسير العلمي، ولا شك أني أكثرت من عددهم وإن لم أكن أطلت في بسط آراء كل منهم وعمدًا أكثرت، وقصدًا أوجزت؛ وإنما فعلت ما فعلت لأمور خمسة أمست الكفاية في بعضها قائمة وحجة أحسبها لي.

أول هذه الأمور: أني قصدت بيان مدى انتشار القول بالتفسير العلمي في العصر الحديث، وأنه قد أصبح شائعًا وأضحى مطروقًا.

وثانيها: أني قصدت بيان توزعهم زمنًا؛ حتى كان فيهم مَن تُوفي أوائل


١ مدخل إلى القرآن الكريم: الدكتور محمد عبد الله دراز ص١٧٦، ١٧٧.
٢ مقدمة في التفسير مع تفسير الفاتحة وأوائل سورة البقرة: حسن البنا ص٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>