للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقدم، فلا تزال بين ناقص يتم وغامض يتضح، وموزع يتجمع، وخطأ يقترب من الصواب، وتخمين يترقى إلى اليقين، ولا يندر في القواعد العلمية أن تتقوض بعد رسوخ أو تتزعزع بعد ثبوت، ويستأنف الباحثون تجاربهم فيها بعد أن حسبوها من الحقائق المفروغ منها عدة قرون.

فلا يطلب من كتب العقيدة أن تطابق مسائل العلم، كلما ظهرت مسألة منها لجيل من أجيال البشر، ولا يطلب من معتقديها أن يستخرجوا من كتبهم تفصيلات تلك العلوم، كما تعرض عليهم في معامل التجربة والدراسة؛ لأن هذه التفصيلات تتوقف على محاولات الإنسان وجهوده، كما تتوقف على حاجاته وأحوال زمانه.

قد أخطأ أناس في العصور الأخيرة؛ لأنهم أنكروا القول بدوران الأرض واستدارتها، واعتمادًا على ما فهموه من ألفاظ بعض الآيات"١.

ثم ذكر أمثلة أخرى نحو هذا من الأخطاء من التفسير العلمي وعقب عليها قائلًا: "وخليق بأمثال هؤلاء المعتسفين أن يحسبوا من الصديق الجاهل؛ لأنهم يسيئون من حيث يقدرون الإحسان، ويحملون على عقيدة إسلامية وزر أنفسهم وهم لا يشعرون.

كلَّا، لا حاجة بالقرآن الكريم إلى مثل هذا الادعاء؛ لأنه كتاب عقيدة يخاطب الضمير، وخير ما يطلب من كتاب العقيدة في مجال العلم أن يحث على التفكير، ولا يتضمن حُكْمًا من الأحكام يشل حركة العقل في تفكيره، أو يحول بينه وبين الاستزادة من العلوم ما استطاع، وكل هذا مكفول للمسلم في كتابه، كما لم يكفل قط في كتاب من كتب الأديان"٢.

عائشة عبد الرحمن:

حين ألف الدكتور مصطفى محمود كتابه "محاولة لفهم عصري للقرآن"


١ الفلسفة القرآنية: عباس محمود العقاد ص١٥.
٢ المرجع السابق ص١٦، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>