للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مباحث علمية كنت ولا أزال أراها تجنح عن الجادة؛ إذ القرآن فوق كل علم، ومن الخطأ أن يُتخذ ذريعة لإثبات نظرية علمية في الطبيعة والعلوم الكونية والفلكية، وهو لم ينزل لبيان قواعد العلوم ولا لتفسير ظواهر الكون، وما ذكر فيه من خلق السماوات والأرض والأفلاك والكواكب إنما يراد به بيان حكمة الله، وأن للوجود خالقًا أعلى يدبره وينظم قوانينه، ولا ريب في أن القرآن يدعو أتباعه دعوة عامة إلى العلم والتعلم للعلوم الرياضية والطبيعية والكونية؛ ولكن هذا شيء والتحول بالقرآن إلى كتاب تستنبط منه النظريات العلمية شيء آخر لا يتصل برسالته ولا بدعوته، إنه دين لهداية البشرية يزخر بما لا يُحصى من قيم رُوحية واجتماعية وإنسانية، وحسب المفسر أن يُعنَى ببيان ما فيه من هذه القيم، ومن أصول الدين الحنيف وتعالميه، التي أضاءت المشارق والمغارب أضواء غامرة١.

الدكتور صبحي الصالح:

عدَّد الدكتور صبحي الصالح آفاق الدراسات القرآنية الحديثة؛ فعد الأفق الحديث الثاني التوفيق العلمي، وقال عنه: "هذا الأفق الثاني مدعاة إلى الزلل لدى أكثر الذين خاضوا فيه من المعاصرين؛ لأن عملية التوفيق تفترض غالبًا محاولة للجمع بين موقفين يتوهم أنهما متعاديان ولا عداء، أو يُظن أنهما متلاقيان ولا لقاء؛ أعني: أنه لا ينبغي أن يحالف النجاح بصورة حتمية كل عملية من عمليات التوفيق"٢.

إلى أن قال: "وقد تولى كبر هذا التوفيق المحفوف بكثير من الزلل طنطاوي جوهري في تفسيره الجواهر الذي قيل فيه: إن فيه كل شيء ما عدا التفسير! "٣.

ثم ذكر نصًّا للجوهري فيه دفاع عن منهجه، وعقَّب عليه بذكر أمور


١ سورة الرحمن وسور قصار: الدكتور شوقي ضيف ص١٠.
٢ معالم الشريعة الإسلامية: الدكتور صبحي الصالح ص٢٩١.
٣ المرجع السابق ص٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>