للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين يستخرجون النظريات العلمية من الآيات القرآنية، وعلل ذلك بـ"أن القرآن الكريم ليس كتاب علم؛ مثل: الكيمياء والذرة والهندسة والفلك والفيزياء وغير ذلك؛ وإنما هو كتاب أنزله الله تعالى على رسوله محمد عليه الصلاة والسلام؛ ليكون هدى ورحمة للناس١.

ثم ذكر أربعة أدلة لاتخاذه هذا الموقف من التفسير العلمي، وقد فصَّل القول في أدلته بعض التفصيل، فقال ما خلاصته:

"أولها: إن جعل الارتباط بين القرآن وبين الحقائق العلمية المختلفة ناحية من نواحي بيان صدقه أو إعجازه أو صلاحيته للبقاء هو خلط بين علم التفسير وعلم إعجاز القرآن.

وثانيها: من المعروف بداهة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفهم القرآن جملة وتفصيلًا، ومن الطبيعي كذلك أن يفهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في جملته؛ أي: بالنسبة لظاهره وأحكامه، وكل مَن يرجع إلى كتب السنة يجد أنها قد أفردت للتفسير بابًا من الأبواب التي اشتملت عليها، ذكرت فيه كثيرًا من التفسير المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا أمعنا النظر في هذا التفسير المأثور فإنا لا نجد فيه أي أصل من أصول العلوم المختلفة التي يتبجح بها أنصار وأصحاب الاتجاه العلمي في تفسير القرآن.

ثالثها: أن القرآن إما أن يكون من عند الله أو من العرب أو من محمد، ولا يمكن أن يكون من العجم؛ لأن العرب عجزوا عن الإتيان بسورة من مثله؛ فالأعاجم بالضرورة أعجز، فالقرآن ليس من عند العرب، أما محمد عليه السلام فلو كان القرآن من عنده لكان أسلوب الحديث هو نفس أسلوب القرآن، والمعروف أن القرآن يختلف عن أسلوب الحديث؛ إذًا فالقرآن ليس من عند محمد، وإذا لم يكن القرآن من عند محمد عليه السلام ولا من عند العرب فهو من عند الله سبحانه وتعالى.


١ اتجاهات التفسير في العصر الراهن: عبد المجيد المحتسب ص٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>