للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال: ليس في جهة, فإن أراد أنه ليس مباينا للعالم ولا فوقه, لم يسلم له هذا النفي"١.

وبهذا يتضح مذهب أهل السنة في نحو هذه الألفاظ, أعني: الجهة والجسم والجوهر والحيز ونحوها.

الاستواء:

ورد لفظ الاستواء في القرآن الكريم سبع مرات, منها قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ٢، ومنها قوله سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ٣.

وأهل السنة والجماعة يؤمنون باستواء الله على عرشه بالكيفية التي يعلمها سبحانه, ويقولون كما قال ربيعة بن عبد الرحمن: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول, ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ المبين وعلينا التصديق، وكما قال تلميذه مالك بن أنس, حين جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء٤! ثم قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا, ثم أمر به أن يخرج.

قال ابن تيمية: "فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب موافق لقول الباقين, أَمِرُّوها كما جاءت بلا كيف فإنما نفوا علم الكيفية, ولم ينفوا حقيقة الصفة"٥.


١ مجموع الفتاوى ج٥ ص٢٩٩.
٢ سورة الأعراف: من الآية ٥٤؛ وسورة يونس: من الآية ٣.
٣ سورة طه: الآية ٥.
٤ قال في القاموس: الرحضاء: عرق يغسل الجلد, كثره ج٢ ص٣٣١.
٥ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج٥ ص٤٠-٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>