العناوين، قس على هذا -إن شئت- الملل والنحل والمذاهب والمناهج، فكثيرًا من هذه وتلك لا صلة لها بأسمائها ... خذ مثلًا المعتزلة في العصر القديم، يسمون أنفسهم أهل التوحيد!
وهل التوحيد الحقيقي يعترف بتعدد الخالقين وأن كل إنسان يخلق فعله، أم هو الاعتراف بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لكل شيء؟! خذ مثلًا آخر، الشيعة يزعمون حب علي ونصرته، وهل يكون حب أحد يفعل ما يكره ويذم؛ بل بغير الاقتداء بفعله؟! خذ مثلًا الخوارج، يصفون أنفسهم بأنهم "الشراة"، يزعمون أنهم اشتروا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله، وهل شراؤها يكون بقتال علي رضي الله عنه وأرضاه؟!
وخذ مثلًا النصارى، يزعمون أنهم "مسيحيون"، فهل المسيح قال: اتخذوني وأمي إلهين؟! حاشى وكلا؛ إذًا فليسوا هم بمسيحيين.
وهل أضرب لك مثلًا بالمبادئ والملل في العصر الحديث؛ كالبعثية التي تنكر البعث، وغيرها وغيرها.
إذًا فلا يلزم من رفع الشعار الدلالة على الالتزام، فكم من راية رفعها أعداؤها، ناهيك عن هذه الأزمة التي تلونت المذاهب فيها تلون الحرباء، فلا تعرف المقبل منها من المدبر إن لم يخصك الله بنور إيماني تتبين به المحجة البيضاء؛ فلا تزيغ عنها فتهلك.
ثم أربت على كتفك مرة أخرى، لن تعرف المنهج العقلي ولن نعرفه حقًّا حتى تعرف ونعرف مدلول العقل ومعناه ومداركه ومجالاته ومنزلته في الإسلام ومكانته، لا أريد أن أجعل البحث هنا مبحثًا كلاميًّا جدليًّا؛ ولكنها مقدمة لَا بُدَّ منها، وباب لَا بُدَّ من الولوج منه؛ لنصل إلى المراد، فلنأتِ البيوت إذًا من أبوابها.