للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قبلهم قال الأستاذ الإمام محمد عبده: "إن الحديث الذي يصل إلينا من طريق الآحاد إنما يحصل الظن عند مَن صح عنده، أما مَن قامت له الأدلة على أنه غير صحيح؛ فلا تقوم به عليه حجة، وعلى أي حال فلنا -بل علينا- أن نفوض الأمر في الحديث، ولا نحكمه في عقيدتنا، ونأخذ بنص الكتاب وبدليل العقل"١.

كانت هذه بعض نصوصهم القولية، وإذا ما نظرنا إلى الجانب التطبيقي فإنا نراهم حينًا يوردون ما يتعلق بالآية من السنة النبوية، وحينًا ما يفسرونها، وحينًا ثالثًا يوردون التفسير المأثور من غير إشارة إلى الحديث الذي ورد فيه، وحينًا رابعًا يرفضون التفسير بالمأثور وإن صح.

فمن الأول ما أورده الشيخ محمود شلتوت في تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} ٢: "وإذا كان شخص الرسول قد غاب عن أعين الآخرين، فهو حاضر في قلوبهم، ماثل في أنفسهم، ولم تنقطع أسوتهم به ... فمنزلة وجوده فيهم بعد مماته هي منزلة وجود الكتاب فيهم، كلاهما متواتر يلقاه جيل من المؤمنين عن جيل، وقد ورد في الخبر أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدي ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي" ٣، ٤.

ومنه ما أورده الشيخ محمد مصطفى المراغي في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} ٥ فقال: "وفي الحديث الشريف: "من أحب أن يكون أكرم الناس فليتقِ


١ تفسير جزء عم: محمد عبده ص١٨١.
٢ سورة آل عمران: من الآية ١٠١.
٣ تفسير القرآن الكريم: محمود شلتوت ص١٢٩.
٤ رواه الحاكم في المستدرك ج١ ص٩٣، ورواه مالك في الموطأ، باب النهي عن القول بالقدر.
٥ سورة البقرة: الآية ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>