للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووعيده وتبشيره وإنذاره بالعقائد والأخلاق والعادات والأعمال التي توجد في الأمم والشعوب"١.

وقال تلميذه من بعده: "فإن كان مات مَن كانوا سبب النزول فالقرآن حتى لا يموت ينطق حُكْمَه ويحكم سلطانه على الناس في كل زمان"٢.

ولعلنا ندرك من هذا النص الأخير أنهم يحرصون كثيرًا على عدم تخصيص الآيات ذوات سبب النزول بالسبب؛ بل يلتزمون القول بالشمول في غالب ذلك.

خذ مثلًا لذلك ما قاله الأستاذ الإمام محمد عبده في تفسير الأتقى والأشقى من قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى، لا يَصْلاهَا إِلَّا الْأَشْقَى، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى، وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} ٣ الآية، قال: "وبتفسير الأتقى والأشقى على النحو الذي سمعته تبطل تلك الإشكالات التي أوردها المفسرون في الحصر، وما أشكل عليهم إلا تقييدهم بالعادة في استعمال ألفاظ: كذب وتولى، وتحكيمهم عاداتهم واصطلاحاتهم التي وضعوها من عند أنفسهم لأنفسهم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله، ثم إنهم يوردون ههنا أسبابًا للنزول، وأن الآيات نزلت في سيدنا أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- لأنه اشترى من أرقاء المسلمين ضعفاء وأعتقهم من ماله لا يبتغي في ذلك إلا وجه الله، ورووا غير ذلك، وقالوا: إن الأشقى هو أمية بن خلف، وقيل غير ذلك، ومتى وجد شيء من ذلك في الصحيح لم يمنعنا من التصديق به مانع؛ ولكن معنى الآيات لا يزال عامًّا -كما رأيت- والله أعلم"٤.

ومن ذلك تفسير الشيخ محمد رشيد رضا لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} ٥؛ حيث قال: "وهذه الآيات


١ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج١ ص١٧٩.
٢ المرجع السابق: ج١ ص١٥٣.
٣ سورة الليل: الآيات ١٤-١٧.
٤ تفسير جزء عم: محمد عبده ص١٠٦.
٥ سورة البقرة: الاية ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>