للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس من السهل أن يشاور الإنسان ولا أن يشير، وإذا كان المستشارون كثارًا كثر النزاع وتشعب الرأي، ولهذه الصعوبة والوعورة أَمَرَ الله تعالى نبيه أن يقرر سُنة المشاورة في هذه الأمة بالعمل؛ فكان يستشير أصحابه بغاية اللطف، ويصغى إلى كل قول، ويرجع عن رأيه إلى رأيهم"١.

ويعلل عدم وضع الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدة ونظامًا للشورى بحِكَم وأسباب؛ منها:

أ- أن هذا الأمر يختلف باختلاف أحوال الأمة الاجتماعية في الزمان والمكان.

ب- أن النبي صلى الله عليه وسلم لو وضع قواعد مؤقتة للشورى بحسب حاجة ذلك الزمن لاتخذها المسلمون دينًا، وحاولوا العمل بها في كل زمان ومكان، وما هي من أمر الدين.

ج- ومنها أنه لو وضع تلك القواعد من نفسه عليه الصلاة والسلام لكان غير عامل بالشورى، وذلك محال في حقه؛ لأنه معصوم من مخالفة أمر الله، ولو وضعها بمشاورة مَن معه من المسلمين لقرر فيها رأي الأكثرين منهم، كما فعل في الخروج إلى أُحُد، وقد تقدم أن رأي الأكثرين كان خطأ ومخالفًا لرأيه صلى الله عليه وسلم، أليس تركها للأمة تقرر في كل زمان ما يؤهلها له استعدادها هو الأحكم٢.

كانت تلكم بعض جوانب الحرية في الإسلام، نبه إليها رجال المدرسة العقلية الاجتماعية، ودعوا إلى إصلاح الأوضاع الاجتماعية على ضوئها.


١ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٤ ص١٩٩، ٢٠٠.
٢ المرجع السابق: ج٤ ص٢٠١، ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>