للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا خطأ ولا شك؛ ذلكم أن رَفْعَ عيسى -عليه السلام- اقترن به الجار والمجرور "إليَّ" و"إليه"، ومرجع الضمير فيهما إلى الله سبحانه وتعالى، فالآيتان صريحتان في رفع عيسى -عليه السلام- إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يرد فيما ذكروه من آيات الرفع الأخرى وما لم يذكروه اقتران الرفع بالجار والمجرور "إليه".

ونستعيد تلك الآيات للتأكد: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} ١، {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} ٢، {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} ٣، {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} ٤، {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} ٥، {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} ٦، {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ٧، {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} ٨، {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} ٩، وغير ذلك من الآيات.

ولم يقترن أي منها بـ"إلي" أو "إليه"، وحينما يقترن منها شيء بهذا فإن المعنى -ولا شك- يختلف، وإلا لكانت الزيادة عبثًا يتنزه القرآن عنه، ولم يكن اقترانها خاصًّا برفع عيسى؛ فقد وردت في آية أخرى، قال سبحانه: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} ١٠، وهذا -ولا شك- يعطي الرفع قوة خاصة، ومزية خاصة؛ بأن الرفع إليه سبحانه وتعالى لا إلى سواه وهو في السماء.

فوجب حمل الرَّفْعِ لعيسى -عليه السلام- على أنه رُفِعَ إلى الله سبحانه


١ سورة مريم: من الآية ٥٧.
٢ سورة الشرح: الآية ٤.
٣ سورة المجادلة: من الآية ١١.
٤ سورة النور: من الآية ٣٦.
٥ سورة الأنعام: من الآية ٨٣، وسورة يوسف: من الآية ٧٦.
٦ سورة البقرة: الآية ٢٥٣.
٧ سورة الأعراف: الآية ١٧٦.
٨ سورة الأنعام: الآية ١٦٥.
٩ سورة الزخرف: الآية ٣٣.
١٠ سورة فاطر: من الآية ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>