للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:

وقررت هذا في مقدمة تفسيرها ورتبت عليه نظرتها إلى أسباب النزول حيث قالت: "إن المرويات في أسباب النزول موضع اعتبار في فهم الظروف التي لابست نزول الآية مع تقدير أن الصحابة الذين عاصروا نزولها ورويت عنهم أقوال فيها ربطها كل منهم بما وهم أو فهم أنه السبب في نزولها وهذا هو معنى قول علماء القرآن: إن المرويات في أسباب النزول يكثر فيها الوهم، ونقدر معه أن السببية فيها ليست بمعنى العلية التي لولاها لما نزلت الآية وأن العبرة في كل حال بعموم اللفظ المفهوم من صريح نصها لا بخصوص السبب الذي نزلت فيه"١.

أما المرحلة التطبيقية عندها فهي تورد سبب النزول ثم تعقب عليه بقاعدة الأصوليين هذه وتعلق عليه، وخذ مثلا لذلك ما قالته في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} ٢، قالت: "وللمفسرين في الإنسان قولان: أنه لعموم الجنس أو أن "أل" للعهد مرادا بالإنسان جماعة من المشركين: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب ولا نقف عند ما اختلفوا فيه فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الذي نزلت فيه الآية، والسياق ظاهره لا يخص الإنسان بفلان أو بآخر والتعميم فيه مستفاد صراحة من الإطلاق ثم استثناء {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات} ٣.

فهي كما ترى لا تكتفي بإيراد القاعدة الأصولية بل تحرر سبب رفضها، ولكنها أحيانا تكتفي بإيراد القاعدة خذ مثلا لذلك ما قالته في ما ورد من سبب نزول قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين} ٤، قالت: "وقالوا في أسباب


١ التفسير البياني للقرآن الكريم: د/ عائشة عبد الرحمن، ج٢، ص٩.
٢ سورة العصر: الآية ٢.
٣ التفسير البياني: د/ عائشة عبد الرحمن، ج٢ ص٨١.
٤ سورة الماعون: الآية الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>