للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبه (عن علقمة عن ابن بريدة، عن أبيه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة) أي معها ولأجلها (فأتى قبر أمه فجاء) أي فرجع (وهو يبكي أشد البكاء حتى كادت نفسه تخرج من بين جنبيه) أي من جميع أجزاء جسده، والمعنى أنه قرب أن يموت من شدة حزنه، (قال): أي بريدة، (قلنا): أي نحن معشر الصحابة الحاضرين (يا رسول الله ما يبكيك) أي، أيّ شيء سبب بكائك؟

(قال: "استأذنت ربي قي زيارة قبر أم محمد"). فيه وضع الظاهر موضع المضمر، أي قبر أمي (فأذن لي)، ولعل الحكمة في إذنه ليكون سبباً في تخفيف عذاب أمه (واستأذنته في الشفاعة) أي لرفع عذاب عنها من أجله (فأبى عليّ) أي لم يأذن ولم يقبل مني لقوله سبحانه: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لِمَن يشاء} (١) وهذا دليل صريح في أن أمه ماتت كافرة أنها في النار داخلة مخلدة، وهو الذي اعتقده أبو حنيفة، وذكره في فقهه الأكبر من أن والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر وعارضه السيوطي في رسائل، وأتى ببعض الدلائل مما ليس تحتها شيء من الطائل، وقد جعلت رسالة مستقلة في تحقيق هذه المسألة، وتدقيق ما يتعلق بها من الأدلة.

(وفي رواية لأبي حنيفة عن بريدة قال: استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ربه) في زيارة قبر أمه، (فأذن له، فانطلق، وانطلق) معه (المسلمون حتى انتهوا إلى قريب من


(١) النساء ٤٨.