(وفي رواية، عن سعد بن مالك) يعني ابن أبي وقاص (أنه عرض بيتاً له على جاره) أي الملاصق داره بداره (بأربعمائة) بناء على المسامحة (وقال: قد أعطيت به ثماني مائة، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الجار أحق بِصَقْبهِ") اعلم أن الشفعة شرعاً بملك العقار على مشتريه جبراً، بمثل ثمنه، وثبتت للخليط، وهو الشريك الذي يقاسم في نفس المبيع، ثم للخليطِ في حق المبيع، كالشرب والطريق خاصتين، ثم لجار ملاصق بالشروط المعروفة في الفقه فعندنا: الشفعة لكل واحد من هذه الثلاثة على هذا الترتيب، وهو قول سفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك، كما ذكره الترمذي في جامعه، وقال مالك، والشافعي، وأحمد، لا شفعة للجار، لمروي البخاري عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة.
ولنا: ما روى أبو داود، في البيوع، والترمذي في الأحكام، وقال: حسن صحيح، والنسائي في الشروط عن قتادة، عن الحسن بن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جار الدار أحق بدار الجار، أو الأرض. ورواه أحمد في مسنده، والطبراني في معجمه، وابن أبي شيبة في مصنفه، وفي بعض ألفاظهم، الجار أحق بشفعة الدار.
فإن قيل: المراد بما رويتم، الجار الذي يكون شريكاً، لما أخرجه البخاري عن عمرو بن الثريد، قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص، فجاء المسور بن مخرمة، فوضع يده على إحدى منكبي، إذ جاء أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا سعد، أتبع مني بيتي في دارك، فقال: والله ابتاعهما فقال المسور: والله لتبتاعهما، فقال سعد: والله لا أزيد على أربعة آلاف منجمة، أو مقطعة،