للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جارية قبطية اسمها مارية، وكان الناس يزعمون على طريق الجاهلية التابعين للحكماء والفلاسفة أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لولادة عظيم أو لموته (فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب) أي قائماً في مقام أو على منبره، وقف نظامه وأثنى بمحامد ربه في كلامه (فقال إنَّ الشَمْس والقَمَر آيتَان) عظيمتان من آيات الله الآفاقية، كما قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا الشَمْسَ وَالقَمَرَ آيتينِ} (لا تنكسفان) بالتأنيث لتغليب الشمس فإنها أقوى، وهو الأنسب وبالتذكير لتغليب القمر وهو أقرب والأصح أن الكسوف والخسوف يطلق على كل منهما إلا أن الكسوف في الشمس والخسوف في القمر أكثر ومنه قوله تعالى وخسف القمر، والحاصل أنهما لا يتغيران (لموت أحد ولا لحياته) أي ولادته، (فإذا رأيتم ذلك) أي ما ذكر من كسوف أو خسوف (فصلوا) أي بجماعة في الكسوف مع إمام الجمعة وفرادى في الخسوف على طريق السنة، ويصلى للكسوف فرادى كما يصلى جماعة بالاتفاق، والحديث في البخاري ورواه الترمذي في الشمائل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يصلي، ولما صلى ركعتين انجلت الشمس، وقد ركع في كل ركعة ركوعاً، وفي رواية النسائي فصلى بهم ركعتين كما يصلون، وروى ابن حيان أنه عليه الصلاة والسلام صلى في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم.

وقد بسطت الكلام على هذا المقام في الحرز الثمين لشرح الحصن الحصين.

(واحمدوا الله) على آلائه واشكروا على نعمائه (وكبروه) أي عظموه ووقروه (وسبحوه) أي تنزهوا عن كل ما لا يليق بذاته وصفاته (حتى ينجلي) أي تنكشف أيهما انكشفت وهذه الخطبة بمجرد الموعظة فقد قال أبو حنيفة رضي الله عنه وأحمد لا تُسنَ لِكُسُوفِ الشَمسِ وَلاَ لخُسوف القَمْرِ خُطْبَةٌ.