خروجه بين رجلين، وأول دخوله عند هاتين جاريتين ولا يبعد أن هذه الجماعة كلهم كانوا معه ومتقاربين حوله بحيث أشبه حالهم كما يشير إليه إبهام الرجل الآخر في قول عائشة، وإلا فحاشا أنها كانت نكرت علياً حتى ما أحبت أن تذكره بلسانها هذا.
وكان ابتداءُ مرضه عليه الصلاة والسلام في بيت ميمونة أو زينب بنت جحش، أو ريحانة، والمعتمد هو الأول على أنه يحمع بالابتداء الحقيقي والإضافي نظراً إلى حال مرضه من شدته وضعفه، ويؤيده ما رواه أحمد والنسائي، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعاً في رأسي، وأنا أقول وارأساه قال: بل أنا وارأساه ثم قال: ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك، ودفنتك فقالت لكأني به والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدأ في وجعه الذي مات فيه.
وروى أحمد عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال لنسائه أني لا أستطيع أن أدور في بيوتكن فإن شئتن أذنتن لي، وفي رواية هشام بن عروة، عن أبيه عند الاسمعيل كان يقول: أين أنا حرصاً على بيت عائشة، فلما كان يومي أذن له نساؤه. وذكر ابن سعد بإسناد صحيح، عن الزهري أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين بذلك فقالت لهن: إنه يشق عليه الاختلاف ولامتنع من الجمعة، والله أعلم.
وبه (عن حماد عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كأني أنظر إلى بياض قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحيث أتى الصلاة في مرضه)، وفي البخاري من حديث أنس أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر يوم الإثنين، وأبو بكر يصلي بهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كشف سترة حجرة عائشة فنظر إليهم، وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك فنكص أبو بكر ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، وهم المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم