(يستلم الأركان) أي الركنين اليمانيين إذ يكره استلام الآخرين فإنه بدعة عند الأئمة الأربعة وسببه أنهما ليس بركنين على بناء إبراهيم عليه السلام (بمحجنه) بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم بعده نون عصى معوّجة لديه، فكان يصيب بها الركن، أو يشير بها إليه ويقبلها صلى الله عليه وسلم.
وفي مسند أحمد وصحيح البخاري وغيرهما أنه عليه الصلاة والسلام طاف على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر، وفي رواية لأحمد وأبي داود، عن ابن عمر كان عليه الصلاة والسلام لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه.
وفي رواية مسلم عن أبي الطفيل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف على راحلة يستلم الحجر بمحجنة معه، ويقبل المحجنة، (وفي رواية قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم) أي سعى (بين الصفا والمروة وهو شاك على راحلة) وهذا بظاهره بيان عذره عليه الصلاة والسلام في عدم مشيه في طوافه وسعيه، لأنه عدّ من الواجبات عند علمائنا الكرام، لكن أخرج الستة إلا الترمذي، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنة، لأن يراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه، فهذا مانع آخر له عليه الصلاة والسلام من المشي في المشاعر العظام ولا منع من الجمع المعتبر عند الأعلام.
هذا وقال في الآثار عن أبي حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان أنه سعى بين الصفا والمروة مع عكرمة فجعل حماد يصعد الصفا وعكرمة لا يصعدها، فقال حماد: يا عبد الله ألا تصعد الصفا والمروة، فقال: هكذا كان طواف رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال حماد: فلقيت سعيد بن جبير، فذكرت له ذلك فقال: إنما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وهو شاك لا يستلم الأركان إلا بمحجنة فطاف بين الصفا والمروة على