وقال عنه ابن سيراخ:"في أيامه رجعت الشمس إلى الوراء"(ابن سيراخ ٤٨/ ٢٣)، ورغم هذا كله فإن أحداً لا يقول بألوهية النبي إشعيا.
ثم لئن كانت الطبيعة تطيع المسيح فإن ذلك قد حصل مع الأنبياء أيضاً، فإيليا أطاعته النار حتى قال:" إن كنت أنا رجل الله فلتنزل نار من السماء تأكلك أنت والخمسين الذين لك، فنزلت نار الله من السماء وأكلته هو والخمسين الذين له"(الملوك (٢) ١/ ٩ - ١١).
وكذا أطاع البحر إيليا "وأخذ إيليا رداءه، ولفّه، وضرب الماء، فانفلق إلى هنا وهناك، فعبر كلاهما (أليشع وإيليا) في اليبس"(الملوك (٢) ٢/ ٧ - ٨)، وقد رأينا كيف أطاعت الشمس والقمر يشوع.
وأيضاً يحكي لنا سفر الرؤيا عن منارتين عظيمتين يزعم الشراح أنهما ترمزان لموسى وإيليا، "هذان هما الزيتونتان والمنارتان القائمتان أمام رب الأرض، وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما تخرج نار من فمهما وتأكل أعداءهما، وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما فهكذا لا بد أن يقتل، هذان لهما السلطان أن يغلقا السماء حتى لا تمطر مطراً في أيام نبوّتهما، ولهما سلطان على المياه أن يحوّلاها إلى دم، وأن يضربا الأرض بكل ضربة كلما أرادا"(الرؤيا ١١/ ٤ - ٦) ورغم كل هذه القوى على مظاهر الطبيعة فإن أحداً لا يقول بألوهية موسى وإيليا، والنص يتحدث عن نبوتهما فحسب "في أيام نبوّتهما". فما بال المسيح يصبح - عند المسيحيين إلهًا - لمجرد إظلام الشمس في زمنه أو لأنه قدر على تحويل الماء إلى خمر؟
وأما صيام المسيح - عليه السلام - أربعين يوماً فلا يدل على ألوهيته إذ أنه "جاع أخيراً"(متى ٤/ ٢)، فلئن كان صومه وصبره يدل على ألوهيته، فإن جوعه يكذب هذه الدعوى، ويدل على بشريته.
وقد كان مثله لموسى - عليه السلام -، حيث يقول:"أقمت في الجبل أربعين نهاراً وأربعين ليلة لا آكل خبزاً ولا أشرب ماء"(التثنية ٩/ ٩).
ومثله حصل مع النبي إيليا حين أكل أكلة ثم "سار بقوة تلك الأكلة أربعين نهاراً