للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإجابة المسيح لا تدل بحال على ألوهيته، فقد أخبر بمعجزات نبوته، ثم عقب بالتحذير من الغلو فيه - كفعل النصارى -، أو التفريط كفعل اليهود الذين كذبوه وآذوه وهموا بقتله.

ولما جاءته المرأة السامرية ورأت قدراته وأعاجيبه: "قالت له المرأة: يا سيد أرى أنك نبي" (يوحنا ٤/ ١٩)، وما زادت على ذلك، فما وبخها ولا صحح لها معتقدها، فكان هذا معتقداً يعتقده عامة الناس كما اعتقده تلاميذ المسيح وحواريوه.

وهو ما قاله عنه الأعمى الذي شفاه المسيح ورأى برهان الله على نبوة هذا المبارك "فقالوا له: كيف انفتحت عيناك؟ أجاب ذاك وقال: إنسان يقال له: يسوع" (يوحنا ٩/ ١٠ - ١١)، لكن النصارى اعتقدوا في هذه الحادثة ما لم يعتقده ذاك الذي شفاه المسيح، والذي شهد له بالإنسانية فحسب.

وكذا الجموع التي رأته كثيراً في أورشليم، وخرجت لاستقباله لما دخل أورشليم دخول الأبطال، هذه الجموع كانت تعتقد بشريته ونبوته " فقالت الجموع: هذا يسوع النبي" (متى ٢١/ ١١).

وفي موقف آخر حدَّث المسيح اليهود عن الكرامين الأردياء الذين ينقل الله عنهم ملكوته القادم، فانزعجوا منه، وأرادوا الإمساك به، لكنهم "خافوا من الجموع، لأنه كان عندهم مثل نبي" (متى ٢١/ ٤٥) (١).

وهاهم أعداؤه - عليه السلام - من اليهود يلاحقونه، ويطلبون منه آية، فأخبرهم بأنه لن تأتيهم سوى آية يونان النبي (يونس) - عليه السلام - "أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين:


(١) وحتى لا يتوهم متسرع أن قوله: "مثل نبي" يفيد ما يزيد عن مرتبة النبوة؛ فإنا نذكِّر أن مثل هذا قيل عن يوحنا المعمدان "لأن يوحنا عند الجميع مثل نبي" (متى ٢١/ ٢٦).

<<  <   >  >>