ومثله وقع التحريف في قول بولس:" عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد"(تيموثاوس (١) ٣/ ١٦) فالفقرة كما قال المحقق كريسباخ: محرفة، إذ ليس في الأصل كلمة "الله"، بل ضمير الغائب "هو" أو "الذي".
ويقول القس جيمس أنِس مبيناً سبب وقوع هذا التحريف وتاريخه: "ومما يرجح صحة قراءة (الذي) عدم ذكر اللاهوتيين القدماء هذه الآية مع الآيات الكثيرة التي أوردوها ليثبتوا لاهوت المسيح، وهم يردون على ضلالة آريوس.
أما سبب تبديل كلمة (الذي) بكلمة (الله) في النسخ اليونانية الحديثة، فهو ما بين اسم الجلالة (حيث كتبت على صورتها المختصرة بحرفين فقط) [ C ?] ، وكلمة (الذي) [ C ?] من المشابهة في صورة كتابتها، فليس بينهما فرق إلا في خط صغير؛ يقرب من النقطة التي تفرق بين الجيم والحاء في الكتابة العربية .. والراجح أن النساخ زادوا ذلك الخط الصغير ليوضحوا المعنى في بعض النسخ، فتحولت كلمة (الذي) إلى (الله)، ثم شاع استعماله في كل نسخ القرون المتوسطة؛ خلافاً للنسخ القديمة التي لم يُر فيها إلا كلمة (الذي)" (١).
ولو أعدنا قراءة قول بولس حسب القراءة الصحيحة وبعيداً عن التحريف المتعمد للنساخ؛ فإنا نجده متحدثاً عن ظهور التقوى في جسد حي، فأحالته الترجمات الحديثة إلى دليل على التجسد الإلهي في المسيح.
وفي النسخة اليسوعية الكاثوليكية والترجمة العربية المشتركة تم إزالة التحريف وتصحيح النص، ليصبح: "عظيم سر التقوى الذي تجلى في الجسد"، واختفى منها اسم الله تبارك وتعالى، وتغير المعنى، وتلاشت دلالته على ألوهية المسيح.
(١) علم اللاهوت النظامي، جيمس أنِس، ص (٢٠٦)، وانظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (٢/ ٤٦٠).