السماء، و"الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع"(يوحنا ٣/ ٣١)، وهم يرون صورة ألوهيته مشرقة في قوله:" أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم"(يوحنا ٨/ ٢٣)، فدل ذلك - وفق رأي النصارى - على أنه كائن إلهي فريد، وهو ابن لا كسائر الأبناء.
لكن المقصود من المجيء السماوي هو إتيان المواهب والشريعة لا إتيان الذات، وهو أمر يستوي به مع سائر الأنبياء، ومنهم يوحنا المعمدان فقد سأل المسيح اليهود:"معمودية يوحنا من أين كانت من السماء؟ أم من الناس؟ ففكروا في أنفسهم قائلين: إن قلنا من السماء، فيقولوا لنا: فلماذا لم تؤمنوا به؟ وإن قلنا: من الناس، نخاف من الشعب ... "(متى ٢١/ ٢٥ - ٢٦).
وأما النازلون على الحقيقة من السماء فهم كثر، ولا تعتبر النصارى أيا منهم آلهة، منهم الملائكة، "لأن ملاك الرب نزل من السماء"(متى ٢٨/ ٢).
وكذا صعد أخنوخ إلى السماء "وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد، لأن الله أخذه"(التكوين ٥/ ٢٤)، ومن المعلوم أن "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء"(يوحنا ٣/ ١٣)، فأخنوخ مثله، ولا يقولون بألوهيته.
وكذا إيليا صعد إلى السماء "ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء"(الملوك (٢) ٢/ ١١).
كما تذكر الأناجيل أن التلاميذ، هم أيضاً مولودون من فوق أو من الله، أي هم مؤمنون به، ففي يوحنا:"وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه"(يوحنا ١/ ١٢). فالمقصود بالولاد؛ الولاد الروحي، بحيث يتغير قلب الإنسان الخاطئ تغيراً عظيماً كاملاً مستمراً، كأنه ولد ثانية، ويحدث ذلك عند توبته وإيمانه.