للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الله الذي هو أعظم من الكل، فالله والمسيح يريدان لها الخير، فالوحدة وحدة الهدف لا الجوهر.

يقول الدكتور واين جردوم أستاذ علم اللاهوت مصححاً هذا المعنى للوحدة في سياق حديثه عن بدعة (المودالية أو الشكلية أو السابليانية): "الآية السابقة (يوحنا ١٠/ ٣٠) جاءت في سياق يؤكد فيه يسوع أنه سينجز كل ما أوكله إليه الآب، ويخلص كل الذين أعطاهم إياه الآب، وتعني أن يسوع والآب واحد في القصد" (١)، نعم هما واحد في القصد والهدف، لا الذات.

ومثل هذا المعنى نقله المفسر وليم باركلي عن بعض المفسرين: "إن الكلمة مرتبطة بما قبلها، ويسوع هنا يتحدث عن رغبة الهداية ورعاية الله لها وقدرته الاعجازية حول ذلك، وكأنه يقول لهم: أنا والآب واحد في القيام بكل هذه الأعمال" (٢).

لكن اليهود في رواق سليمان كان فهمهم لكلام المسيح سقيماً - أشبه ما يكون بفهم النصارى له -، لذا "تناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه ... لسنا نرجمك لأجل عمل حسن، بل لأجل تجديف، فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً".

فعرف المسيح - عليه السلام - خطأ فهمهم لكلامه، واستغرب منهم كيف فهموا هذا الفهم وهم يهود يعرفون لغة الكتب المقدسة في التعبير المجازي فأجابهم: " أليس مكتوباً في ناموسكم: أنا قلت إنكم آلهة؟ " ومقصده ما جاء في مزامير داود: "أنا قلت إنكم آلهة، وبنو العلي كلكم" (المزمور ٨٢/ ٦)، أي فكيف تستغربون بعد ذلك مثل هذه الاستعارات، وهي معهودة في كتابكم الذي جعل بني إسرائيل آلهة بالمعنى المجازي للكلمة؟! فالمسيح أولى بهذه الألوهية المجازية من سائر بني إسرائيل "إن قال: آلهةً لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله .. فالذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنك تجدف، لأني قلت: إني ابن الله؟ إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي .. " (يوحنا١٠/ ٣٧).


(١) كيف يفكر الإنجيليون في أساسيات الإيمان المسيحي، واين جردوم، ص (٢٠٢).
(٢) تفسير العهد الجديد (لوقا ويوحنا)، وليم باركلي (٢/ ١٥١).

<<  <   >  >>