والنص في نسخة الرهبانية اليسوعية أكثر وضوحاً، وفيه:"أجابهم يسوع: ألم يكتب في شريعتكم: قلت: إنكم آلهة؟ فإذا كانت الشريعة تدعو آلهةً من ألقيت إليهم كلمة الله .. فكيف تقولون للذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم: أنت تجدف، لأني قلت: إني ابن الله".
يقول الأب متى المسكين تعليقاً على هذه الفقرة:"المسيح يستشهد بالمزمور الثاني والثمانين (الله قائم في مجمع الله، في وسط الآلهة يقضي .. أنا قلت إنكم آلهة، وبنو العلي كلكم)، فالوحي الإلهي هنا يعطي صفة الآلهة للمجمع الذي يجتمع على الحكم على أساس الحكم بكلمة الله .. يأتي رداً على ادعائهم أن كون المسيح إلهاً يعتبر تجديفاً، في حين أن كل الذين صارت إليهم كلمة الله يدعون في الناموس آلهة"(١).
وهكذا وبهذا الشاهد من المزامير صحح المسيح - عليه السلام - لليهود ثم للنصارى الفهم السيئ والحرفي لوحدته مع الآب.
وهذا الأسلوب في التعبير عن وحدة الهدف والمشيئة معهود في النصوص خاصة في إنجيل يوحنا، إذ يقول عن التلاميذ على لسان المسيح:"ليكون الجميع واحداً كما أنت أيها الآب فيّ، وأنا فيك، ليكونوا (أي التلاميذ) هم أيضاً واحداً فينا .. ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد ... أنا فيهم وأنت فيّ"(يوحنا ١٧/ ٢٠ - ٢٣)، فالحلول في المسيح والتلاميذ حلول معنوي فحسب، وإلا لزم تأليه التلاميذ، فالنص الإنجيلي يستخدم كلمة (كما) والتي تفيد المماثلة بين الطرفين المتقابلين، والمعنى: كما المسيح والآب واحد، فإن التلاميذ والمسيح والآب أيضاً واحد، أي وحدة الهدف والطريق، لا وحدة الذوات، فإن أحداً لا يقول باتحاد التلاميذ ببعضهم أو باتحاد المسيح فيهم بذاته.
(١) شرح إنجيل القديس يوحنا، الأب متى المسكين (١/ ٦٤٣ - ٦٤٤).