ثم طلب فيلبُّس من المسيح أن يريهم الله، فنهره المسيح وقال له:" ألست تعلم أني أنا في الأب، والأب فيّ، الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي، لكن الأب الحال فيّ هو يعمل الأعمال ... "(يوحنا ١٤/ ١٠) أي كيف تسأل ذلك يا فيلبس، وأنت يهودي تعلم أن الله لا يرى، فالذي رآني رأى الآب، حين رأى أعمال الله (المعجزات) التي أجراها على يد المسيح.
يشبه هذا النص تماماً ما جاء متى " ثم يقول الملَك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي، رِثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم، لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريباً فآويتموني .. فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب، متى رأيناك جائعاً فأطعمناك أو عطشاناً فسقيناك، ومتى رأيناك غريباً فآويناك .. فيجيب الملَك، ويقول لهم: الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتم"(متى ٢٥/ ٣٤ - ٤٠)، ومن المعلوم أن أحداً في الدنيا لا يقول بأن الجائع المطعم هو الملَك رغم قوله:"فبي فعلتم"، إذ هذا على سبيل تقريب المعاني، لا الحلول والتماهي بين الذوات.
فمثله كمثل قول الشاعر:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا ... نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصرته ... وإذا أبصرتَه كنتُ أنا
ويشبهه أيضاً ما جاء في إنجيل مرقس "فأخذ ولداً، وأقامه في وسطهم، ثم احتضنه، وقال لهم: من قبِل واحداً من أولاد مثل هذا باسمي يقبَلني، ومن قبلني فليس يقبلني أنا، بل الذي أرسلني"(مرقس ٩/ ٣٧)، فالنص لا يعني أن الطفل الذي رفعه المسيح هو ذات المسيح، ولا أن المسيح - عليه السلام - هو ذات الله، ولكنه يخبر - عليه الصلاة والسلام - أن الذي يصنع براً بحق هذا الطفل، فإنما يصنعه طاعة ومحبة للمسيح،