لصوت الشعب في كل ما يقولون لك، لأنهم لم يرفضوك أنت، بل إياي رفضوا " (صموئيل (١) ٨/ ٤ - ٧)، إذ رفضهم طاعة النبي صموئيل هو عصيان لله في الحقيقة.
والرؤية في قوله: "الذي رآني فقد رأى الآب" معنوية مجازية، أي رؤية البصيرة، لا البصر، وهي متحققة لكل المؤمنين الذين هم من الله كما قال المسيح - عليه السلام -: "ليس أن أحداً رأى الآب إلا الذي من الله، هذا قد رأى الآب" (يوحنا ٦/ ٤٦)، ومن المعلوم أن كل المؤمنين هم من الله " كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح، فقد ولد من الله" (يوحنا (١) ٥/ ١)، فكلهم رأى الله ببصيرته رؤية المعرفة والإيمان.
ومما يؤكد أن الرؤيا معنوية أنه قال في تمام النص الذي نحن بصدده: " بعد قليل لا يراني العالم أيضاً، أما أنتم فترونني" (يوحنا ١٤/ ١٩)، فهو لا يتحدث عن رؤية حقيقية، إذ يتحدث عن رفعه للسماء، فحينذاك لن يراه العالم ولا التلاميذ، لكنه يتحدث عن رؤية معرفية إيمانية يراها التلاميذ، وتعشى عنها وجوه العالم الكافر.
ويشهد له ما جاء في متى: " ليس أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا الابن " (متى ١١/ ٢٧)، فهو المقصود من الرؤية المذكورة في النصوص السابقة.
ونحوه قوله: "فنادى يسوع وقال: الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي، بل بالذي أرسلني، والذي يراني يرى الذي أرسلني ... لأني لم أتكلم من نفسي، لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية، ماذا أقول وبماذا أتكلم. وأنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية. فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب هكذا أتكلم" (يوحنا ١٢/ ٤٤ - ٥١)، فالمقصود بكل ذلك رؤية المعرفة بالبصيرة، لا البصر.
وقوله: " والذي يراني يرى الذي أرسلني" ولا يمكن أن يراد منه أن الذي رأى الابن المرسَل قد رأى الآب المرسِل، إلا إذا كان المرسِل هو المرسَل، وهو محال للمغايرة