للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيَظُنُّ النَّاسُ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ "» (١). وكانت عبارة شُعبة بن الحجاج (٢) أشد في ذلك وأعنف حين قال: «لأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ: (قَالَ فُلاَنٌ)، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ!» (٣).

ونعود مرة أخرى لِنُؤَكِّدَ أن جميع هذه الألفاظ عند علماء اللسان عبارة عن التحديث، وأنها في الأصل مثل (سَمعت فلانا قال: سمعت فلانا)، وإنما الخلاف فيها بين نُقَّادِ الحديث في استعمالها من جهة العرف والعادة (٤).

ثَانِيًا: القِرَاءَةُ:

لا حاجة بنا إلى تعريف القراءة، فمن الواضح أن حقيقتها المستمدة من لفظها هي قراءة التلميذ على الشيخ حِفْظًا من قلبه أو من كتاب ينظر فيه (٥). وإذ كان التلميذ يعرض بهذا النوع من التَحَمُّلِ قراءته على الشيخ، سميت القراءة عَرْضًا لدى كثير من المُحَدِّثِينَ (٦).

وإذا لم يقرأ التلميذ من حفظه أو من كتاب بين يديه، وإنما سمع غيره يقرأ على الشيخ، فإنه يشترط في شيخه حِينَئِذٍ أن يكون حافظًا لهذا المقروء عليه، أو مُتَمَكِّنًا من مقابلته على أصله الصحيح إن لزم الرجوع إلى هذا الأصل بأيدي تلامذته الآخرين الثقات الضابطين، أو واحد منهم على الأقل (٧). والقراءة


(١) " الكفاية ": ص ٢٩٠.
(٢) سبقت ترجمته.
(٣) " الكفاية ": ص ٢١٠.
(٤) " الكفاية ": ص ٢٨٨.
(٥) " التدريب ": ص ١٣١.
(٦) " التدريب ": ص ١٣٠.
(٧) " الباعث الحثيث ": ص ١٢٣.