لازم المؤرخ الكبير الواقدي صاحب " الطبقات " و" المغازي "، وظل يكتب له حتى عرف باسم «كاتب الواقدي»، وَعَدَّهُ المؤرخون نفحة من نفحاته الخالدة. ولم يُعْزَ إليه في كتب التراجم التي وصفت حياته وسيرته إلا ثلاثة كتب أحدها هذه " الطبقات الكبرى "، والثاني كتاب قدموه لنا باسم " الطبقات الصغير " والثالث " أخبار النبي " الذي لم ينسب إليه ابن النديم في " فهرسته " سواه، ويرجح بعض الباحثين - ونحن معهم - أن الكتب الثلاثة ليست في حقيقتها إلا كتابًا واحدًا، لأن محتوى كتاب " الطبقات الصغير " وكتاب " أخبار النبي " وارد على ما يبدو في الجزئين الأولين من هذه " الطبقات الكبرى ". وليس معنى هذا أن ابن سعد لم يؤلف حَقًّا غير هذا الكتاب، ولكن هذا مجمل ما ألقته كتب التراجم على ابن سعد وتآليفه من أضواء. ولئن لم يكن له إلا هذه " الطبقات الكبرى " فإنها وحدها تَنِمُّ عن علمه الغزير، وحافظته القوية، واتصاله الوثيق بمنابع الرواية ومصادر التاريخ في عصره.
مَصَادِرُهُ الأَسَاسِيَّةُ:
كانت مصادره في " طبقاته " على نوعين: مصدر المشافهة والسماع كأكثر المحدثين والمؤرخين في عصره، ومصدر الكتابة، وهو ضيق محدود. وما دمنا نتكلم عن " الطبقات " بشكل خاص، فإن الأمانة العلمية تفرض علينا أن نقول: إن صاحبنا عَوَّلَ بالدرجة الأولى على النقل المباشر من أفواه الشيوخ، وحتى ما تلقاه عن شيخه الواقدي في كتابه " الطبقات " أخذه عنه بالمشافهة إلى جانب أخذه إِيَّاهُ من الكراريس والقراطيس.
والأمانة العلمية تفرض علينا أيضًا أن نقول: إن أحدًا غير الواقدي لم