للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يُرْوَى الحديث وفي إسناده رجل غير مُسَمَّى وليس بمنقطع. مثاله حَدَّثَنَا شَيْخٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُخَيَّرُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْعَجْزِ وَالْفُجُورِ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَلْيَخْتَرِ الْعَجْزَ عَلَى الْفُجُورِ» لأن هذا الرجل المبهم قد ذكر في رواية أخرى فإذا هو أَبُو عُمَرَ الْجَدَلِيُّ، ولا يقف على هذا النوع مِنَ الْمُنْقَطِعِ إِلاَّ الحَافِظُ الفَهِمُ المُتَبَحِّرُ فِي الصَّنْعَةِ (١).

وتماثل المنقطع والمرسل في سبب الضعف، وهو نقد الاتصال في السند، جعل الحافظ الخطيب البغدادي يقول في كتابه " الكفاية في علم الرواية ": «وَالمُنْقَطِعُ مِثْلُ المُرْسَلِ، إِلاَّ أَنَّ هَذِهِ العِبَارَةَ تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي رِوَايَةِ مَنْ دُونَ [التَّابِعِينَ] عَنِ الصَّحَابَةِ، مِثْلَ أَنْ يَرْوِيَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَوْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ» (٢). وهذا الاستعمال الغالب الذي يشير إليه الخطيب لا يتفق من كل وجه وتعريف المنقطع الذي قدمناه، فهو اصطلاح خاص بالنسبة إلى وصف يغلب كثيرًا على الأحاديث المنقطعة.

الثَّالِثُ - المُعْضَلُ:

هو الحديث الذي سقط منه راويان فأكثر بشرط التوالي (٣)، وهو


(١) " معرفة علوم الحديث ": ص ٢٨.
(٢) " الكفاية ": ص ٢١.
(٣) " التدريب ": ص ٧٣. أما إذا لم يتوال فهو منقطع كما رأينا في الرجلين المُبْهَمَيْنِ عن شداد بن أوس. وقارن بـ " شرح النخبة ": ص ١٨.